حين تقترب السنة من نهايتها، وحين تتساقط آخر أيام الروزنامة، يكون طبيعياً أن تُجرى جردة على كلِّ المستويات، ليُعرَف ما هي الملفات التي أنجزت وتبقى في سجل العام 2017، وما هي الملفات التي لم تُنجَز بعد وستنتقل إلى العام 2018.
***
الملفات التي ستنتقل إلى العام 2018 هي ملفات حياتية معيشية اقتصادية، لا تقتصر انعكاساتها السلبية على فئة من دون أخرى، بل تطال كل الفئات تقريباً بدرجات متفاوتة:
على مستوى الدولة، هناك الدين العام الذي بدأ يلامس المئة مليار دولار، وليس في الأفق ما يشير إلى أنَّ سنة 2018 ستشهد انفراجاً على هذا المستوى، بل إنَّ كل المؤشرات تدل على أنَّ الدين العام سيتصاعد انطلاقاً من الحقائق والوقائع التالية:
فوائد الدين العام التي لا مفرَّ منها. ولبنان مضطر إلى أن يسددها في مواعيدها، إما من خلال إصدار المزيد من سندات الدين، وإما من خلال اقتطاع ما يجمعه من ضرائب.
استمرار هذا الواقع سيؤدي إلى رفع أرقام موازنة العام 2018، ليس من أجل الصرف على مشاريع استثمارية، بل من أجل تأمين الرواتب عبر سلسلة الزيادات الجديدة، كذلك من أجل تسديد فوائد الدين العام.
إذاً، موازنة العام 2018 هي عبارة عن تأمين رواتب القطاع العام لإثني عشر شهراً، وتأمين فوائد الدين العام، أما أي مشروع على مستوى البنى التحتية والإستثمارات، فإنَّه يستلزم قروضاً جديدة من صناديق ومؤسسات مالية.
***
إذا كانت الدولة، بخزينتها وموازنتها، في هذا الوضع غير المريح، فمن أين سيأتي الإنعاش الإقتصادي؟
ما يجب أن يكون واضحاً أنَّ كل هذه المتاعب والمصاعب تبقى محمولة ومحتملة في حال الإستقرار السياسي، لكنَّ هذه المصاعب تتضاعف في حال نشوء أزمات سياسية، وما أكثرها في لبنان. يكفي أن نذكر ونتذكر أنَّ أزمة تشرين الثاني أدت إلى خروج ثلاثة مليارات دولار من لبنان، لو استمرت هذه الأزمة لشهرٍ ثانٍ وثالث، هل يمكن تخيل أن يخرج من لبنان عشرة مليارات دولار؟
إذاً، الإستثمار الحقيقي في الحفاظ على الوضع النقدي هو استثمار في الإستقرار، وما دون ذلك فإنَّ البلد سيواجه مفاجآت غير محسوبة، والشارع جاهز لشتى أنواع التصعيد من أجل مطالب على اختلافها:
فهناك قضية تأمين الزيادات لأساتذة التعليم الخاص، وهذه الزيادات ستُحمَّل في نهاية المطاف إلى الأهل، الذين سيكون لهم تحرك في الشارع في حال لم يتم التوصل إلى تسوية.
وهناك مسألة المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان، الذين سبق أن توزَّع البعض منهم على شركات مقدمي الخدمات، لكن هذه الشركات خففت منهم فتصاعدت الأزمة.
***
من خلال كل ما تقدَّم، العبور من 2017 إلى 2018 لن يكون عبوراً سلساً، لكن لم يفت الأوان بعد من أجل تحسين الأمور.