لبنانيو دول مجلس التعاون الخليجي غالباً ودائماً ما يكون تركيزهم على أعمالهم في البلدان التي يعملون فيها، وتطلعهم دائماً إلى إنجاز هذه الأعمال وإلى إنعاش عائلاتهم في لبنان، وهذا الإنعاش هو إنعاش للوطن.
هذه هي المعادلة الذهبية:
نعمل في الدول التي فتحت لنا قلبها وأيديها ونُنعش بلدنا الذي له علينا حق المواطنية.
***
لبنانيو دول مجلس التعاون الخليجي يتركَّز إهتمامهم هذه الأيام على وطنهم الأول بمقدار إنشغالهم بأوطانهم الثانية، وذلك كله لأنَّ بعض السياسة في وطنهم الأول تكاد أن تقضي على آمالهم في أوطانهم الثانية. لكن بعض القادة في لبنان ينظرون بعين المساواة في الإهتمام بين اللبنانيين المقيمين واللبنانيين المغتربين. هذا ما يمكن تسميته الهاجس المزدوِج وهو الهاجس الذي يحمله الرئيس سعد الحريري، فحين يكون في الخارج تكون عينه الساهرة على لبنان المقيم بالإضافة إلى لبنان المغترب، وحين يكون في لبنان يكون عينه على لبنان المغترب بالإضافة إلى لبنان المقيم.
***
وإذا كانت الذكرى تنفع المؤمن، فلا بد من تذكير الذين خالفوا الإجماع العربي أنّه حتى إيران دانت الإعتداء على السفارة السعودية في طهران، وللتدقيق أكثر فقد أُقيل نائب الحاكم العام للعاصمة طهران، على خلفية الهجوم على سفارة المملكة العربية السعودية، كما دانت وزارة الداخلية الإيرانية، الهجوم على سفارة المملكة في طهران وعلى القنصلية في مدينة مشهد.
وقال ممثل وزارة الداخلية الإيرانية حسين علي أميري، إنَّ نائب الحاكم العام صفر علي باراطلو، لم يقم بإلتزاماته في الوقت المحدد. فإذا كانت إيران لم تنأَ بنفسها فكيف للدبلوماسية اللبنانية أن تنأى بنفسها؟
كان يُفترض بالدبلوماسية المخضرمة أن تستشير قبل قرارها إذ كانت النصيحة مجانية، أما بعد وقوع الواقعة فقد أصبح الأسف بأغلى الأثمان.
***
مَن تابع عاميَّة بيت الوسط مساء الإثنين، يكتشف هذه الحقيقة:
الرئيس سعد الحريري يحمل هاجس اللبنانيين في الداخل وفي الخارج، وهو لأجل ذلك أقدم على خطوة فريدة من نوعها ولم يسبق أن تجرَّأ على الإقدام عليها أيُّ لبناني. إنها وثيقة المليون التي أُرفِقَت بموقفٍ عالي السقف بحيث لا يسهل لأحد أن يطاله:
يعتبر الرئيس الحريري أنَّ الوفاء للمملكة يعني الوفاء للبنان، والإساءة إلى المملكة تعني الإساءة إلى لبنان. وإذا كانت الدبلوماسية هي سياسة تدوير الزوايا، فهناك من أرادها سياسة عكس ذلك.
***
يرفع الرئيس الحريري وتيرة الموقف تدريجياً ليُعلِن بالفم الملآن:
نحن هنا لنقول بأعلى صوت، إنَّ أيَّ إهانةٍ توجّه إلى السعودية ودول الخليج العربي، سنردها إلى أصحابها. ونحن هنا لنؤكد بأعلى صوت، أنَّ أحداً لن يتمكن من إلغاء عروبة لبنان، نحن دفعنا دماً وشهداء وسنستمر على درب النضال الوطني السلمي حماية لعروبة لبنان وسلامة شعبه، فتاريخ السعودية، ودول الخليج العربي مع لبنان، معروف وواضح وضوح الشمس. هذه دول مدت أياديها البيضاء للبنان، بالخير والسلام والإعمار والأمان.
***
يرتاح اللبناني المقيم كما اللبناني المغترب، فهذا الكلام هو خط الدفاع عنه.
يكفي أن نُدرِك أنّ تحويلات المغتربين سنوياً تقارب سبعة مليارات ونصف مليار دولار، منها ستة مليارات من الخليج. فهل هكذا تُعامَل دول مجلس التعاون الخليجي؟
كلنا ندرك مع الرئيس الحريري هذه الحقيقة والشعب اللبناني عموماً.