IMLebanon

شفافية الشباب اللبناني في مواجهة التستر المريب على المخالفات

 

إذا كنتم تعتقدون بأنَّ الشباب اللبناني لا يعرف بما فعلتم على مدى أكثر من ربع قرنٍ، فأنتم على خطأ.

نقول أكثر من ربع قرن لأنَّ الحكم استمرارية ولأنَّ مَن هم اليوم في سدة المسؤولية، سواء على المستوى التشريعي أو على المستوى التنفيذي، هم من الأشخاص الذين تعاقبوا على الكراسي، فلا تغيير جذرياً حصل، باستثناء قلة قليلة لا تقدِّم ولا تؤخِّر، ولعلها تؤخِّر.

يعرف الشباب اللبناني أن الدَين العام كان يمكن أن يكون نصف ما هو عليه اليوم، أي أربعين مليار دولار، بدل أنْ يكون ثمانين مليار دولار، فالنفقات على قطاع الكهرباء بلغت ثلاثين مليار دولار، أي أقل من نصف الدَين العام بقليل. أين ذهبت هذه المليارات؟

إلى جيوب مافيات الفيول والبنزين، وقسمٌ منها احتفل في إحدى الدول الأوروبية منذ أسبوعين، فأقلَّت المدعويين الذين ناهز عددهم 300 مدعو، طائرات خاصة، أما المدعوون فكانوا من وزراء ونواب وسياسيين ومدراء عامين وموظفين من الفئة الأولى ورجال أعمال من الشركاء. ما كان لبعض هؤلاء أنْ يكونوا في الإحتفال لو لم يكونوا قد قدموا خدمات وتسهيلات لمتعهدي الإستيراد.

هذه المعطيات يتابعها الشباب اللبناني لأن وسائل التواصل الإجتماعي تتيح متابعة كل هذه النشاطات بالصورة والصوت، فلا شيء مخفياً، والوقاحة بلغت مداها لأنَّ المستفيدين لم يعودوا يهابون أحداً.

 

***

حبذا لو يُفتح تحقيق شفاف حول الثلاثين مليار دولار التي صُرِفت في قطاع الكهرباء، لتكون هناك وثيقة بين أيدي الشباب اللبناني، وتكون مفصَّلة وفق التالي:

ما هو المبلغ الذي تقاضته شركات استيراد المازوت والفيول على مدى ربع قرن؟

لماذا كان هناك اعتراض دائم على أنْ يتم تشغيل المعامل بالغاز بدل الفيول؟

هل لأنَّ هامش الأرباح في الفيول هو أكثر منه في الغاز؟

لماذا وصلنا إلى الخيار المر؟

أي إلى خيار البواخر؟

وما هي هوامش الأرباح فيها؟

هذا التحقيق الشفاف يجب أنْ يُفتَح ويوضَع في تصرُّف الشباب اللبناني لأنهم هم الذين سيتسلمون دفَّة الدولة مهما تأخر المهيمنون في إعطائهم الفرصة. إنَّ هذا النوع من التحقيقات يعطي أملاً بأنَّ ما هُدر قد يعود، هذا في الحد الأقصى، أما في الحد الأدنى فإنَّه قد يؤدي إلى كف يد المتعهدين الذين تواطؤا مع نافذين في السلطة، فتوافقوا معهم في موضوع استيراد المحروقات على أنواعها وحققوا ثروات هائلة.

***

الشباب اللبناني يطلب تحقيقاً شفافاً حول كلفة تلزيم النفايات منذ ربع قرن، وهو يعلم أنَّ كلفة طن واحد من النفايات هي الأغلى في العالم، بدليل أن المناقصات الأخيرة التي حصلت خفَّضت الأسعار بنسبة تتجاوز الثلاثين في المئة. السؤال هنا:

أين كانت تذهب الفروقات؟

إلى جيوب مَن؟

مَن هم المنتفعون؟

هل يغرفون من خزينة الدولة على مدى عقود من الزمن ثم ينسحبون بهدوء من دون أية مساءلة أو محاسبة؟

***

الشباب اللبناني يسأل عن السوق الحرة في مطار بيروت:

المزايدة الجديدة جاءت أسعارها مضاعفة تقريباً للمزايدة التي كانت في السابق! فكم من الأموال ذهبت من درب خزينة الدولة من جراء هذا الإرضاء ذاته؟

ربع قرن والشركة تتقاضى الأرباح المضاعفة، فهل مَن سأل؟

***

هذه عينة مما يطرحه الشباب اللبناني من تساؤلات، وإذا لم يتلقَ الأجوبة في شأنها فإنَّ من حقهِ المشروع أنْ يطلب المعلومات من المعنيين عملاً بقانون الحق في الوصول إلى المعلومات.

الشباب اللبناني سيكون بالمرصاد بعد اليوم، ولا ينفع حجب المعلومات عنه، لأنه يعرف كيف يصل إليها.

إنَّ تستركم لم يعد ينفع في مواجهة الإصرار على الشفافية من جانب الشباب اللبناني.