Site icon IMLebanon

فشل ذريع لخطة “باصات علي حمية”

 

الوزير تسرّع عندما تفاخر في الحصول على الهبة الفرنسية

تعثرت خطة النقل المشترك التي انطلقت في مرحلتها الاولى، منذ نحو شهرين ( 19 كانون الاول 2022) لأسباب موضوعية، تكمن في عدم قدرة الوزارة على تأمين الأموال اللازمة لإجراء الصيانة وشراء المازوت. اضافة الى اسباب عملية نتيجة إضراب سائقي النقل المشترك، مطالبين بمساواتهم بموظفي القطاع العام الذين حصلوا على مساعدات إجتماعية من الدولة، لأن رواتبهم لا تتعدى مليونين و400 الف ليرة.

 

المرحلة الاولى من الخطة التي بدأت بـ 10 باصات، ضمن الهبة الفرنسية لدعم القطاع، وعلى 4 خطوط داخل بيروت وخارجها، واجهها أكثر من تحد. التحدي الأول إجراء مناقصة لتلزيم التشغيل والصيانة لشركة خاصة لتسيير الباصات، وهذا أمر لم تستطع الوزارة تنفيذه، ومشكلة تأمين المازوت للباصات، لأن كل باص يحتاج إلى 5 صفائح يومياً، وفي حال تم تشغيل 100باص تملكها الوزارة، فإن كلفة تأمين المازوت وحدها خلال شهر(15 مليار ليرة)، تفوق موازنة المصلحة البالغة 13 مليار ليرة سنويا.

 

التعثر الحاصل في الخطة، يُظهر أن مشكلة النقل العام في لبنان ليست في توفر المركبات أو عدمه بخلاف الاعتقاد الاول الذي كان عند الوزير علي حمية عندما تفاخر بالحصول على هبة الباصات الفرنسية، بل في التخطيط السليم لضمان عدم فشلها. وهذا ما يوافق عليه مصدر معني بالملف، إذ يشرح لـ”نداء الوطن” أنه “عند طلبت الباصات، كان يجب أن تكون مستلزمات تشغيلها مؤمّنة. أي لوازم صيانة، سائقون، مصاريف تشغيلية، مواقف، خطوط وهذا كله لم يحصل”، معتبراً أن “التذرع بغياب التمويل هو حجة غير مقنعة. إذ إنه في بلد بدّد 20 مليار دولار في أقل من 3 سنوات على لا شيء، لا يمكن أن يكون نقص الأموال عائقاً”. ويشدد على أن “العائق الحقيقي هو غياب المطالبة الحقيقية بتخصيص أموال لهذا القطاع، أي غياب المعركة السياسية الحقيقية التي تدافع عن هذا الهدف. وهذه معركة لا يبدو أن أي حزب يريد خوضها بما في ذلك “حزب الله” الذي ينتمي اليه علي حمية، إمّا لصعوبة المعركة أو لأن هذا القطاع ليس أولوية، أو مسايرة لباقي القوى السياسية، أو خوفاً على شبكة المصالح المتعلّقة بقطاع النقل، وغالباً جميع هذه العوامل مجتمعة”.

 

لا تراجع عن الإضراب

 

على ضفة السائقين، يؤكد رئيس نفابة عمال ومستخدمي النقل المشترك، في مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك ريمون فلفلي لـ”نداء الوطن” أنهم “مستمرون في الاضراب حتى تُقر مطالبهم. وتحقيقها بيد وزير المالية لدفع مساعدات 2022 ، ومجلس الوزراء لإقرار سلفة تؤمن إعطاءنا مساعدات عن العام 2023″. مشدداً على ” أن السائقين قاموا بواجبهم لناحية إطلاق خطة النقل المشترك. والكرة في ملعب وزارة المالية والحكومة. وقد وعدنا وزير الاشغال علي حمية ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر بأنهما سيكثفان إتصالاتهما مع وزير المالية لتنفيذ مرسومين، هما بدل النقل وتعويض الانتاجية وغلاء المعيشة، ومرسوم 10956 تاريخ 5/ 12 /2022. وينص على إعطاء سلفة للمصلحة عن مساعدات 2022 بقيمة 5 مليارات و965 ألف ليرة “.

 

ويختم: خلال إجتماعنا الاخير الذي حصل في 26 كانون الثاني الماضي مع الوزير حمية، أكدنا أنه لا يمكننا الاستمرار قبل مساواتنا بما حصل عليه القطاع العام عن كامل 2022 .علماً أن دولار السوق السوداء كان حينها 40 ألفاً واليوم 60 ألفاً. والمساعدات الإجتماعية التي سنحصل عليها عن العام 2022، تبلغ 50 مليون ليرة، صرفها زملاؤنا على دولار صيرفة 22 ألفاً، في حين أنه اليوم هو 38 ألفاً”.

 

علاج بالمسكنات

 

على ضفة الاقتصاديين، يشرح الخبير الإقتصادي جان طويلة لـ”نداء الوطن” أن “المنطق يقول حين نريد السير بمشروع معين، يجب أن نستند إلى دراسة إقتصادية ومالية للسير فيه”، سائلاً” لماذا أقدمت وزارة الاشغال على هذه الخطوة، علما أنها كانت تعلم أنها لا يمكنها تأمين الاستدامة للمشروع؟ فبعد أن تم تسيير الباصات لمدة لا تزيد عن شهرين، توقفوا لأن هناك نقصاً في التمويل للصيانة والمازوت. وهذا يبرهن عن الفشل في إدارة شؤون الناس”.

 

يضيف: “ما حصل ينم عن عدم الجدية في تنفيذ المشاريع المتعلقة بالمواطنين، وتأمين شبكة نقل مشترك للشعب اللبناني لتخفيف وجعه في ظل ارتفاع اسعار للمحروقات”. مشدداً على أن “النقل المشترك هو خدمة عامة ضرورية لكل المواطنين، لكن المقومات الاساسية لإستمراريته غير موجودة. ما حصل هو ترقيع، فحتى لو تمت تلبية مطالب السائقين، سيصطدم هذا المشروع لاحقا بعقبات أخرى لأن الاساس غير واضح ومتين”.

 

يرى طويلة أنه “يتم التعامل في الملفات الحياتية في لبنان من خلال المسكنات. وهذا ما حصل لموظفي القطاع العام حيث تمت زيادة رواتبهم، لكن سرعان ما ذابت بفعل ارتفاع سعر دولار السوق السوداء، وهذا ما يحصل لاحقا لموظفي النقل المشترك”. مشدداً على أن “المطلوب تأمين استقرار نقدي في البلد، وإلا فكل المعالجات هي مجرد مسكنات لا تنهي المشكلة. علماً بأن أجور السائقين جزء من المشروع، ومطلوب تمويل لتأمين الصيانة والمحروقات والبنية التحتية وهذا غير موجود”.