IMLebanon

حركة السفر من لبنان وإليه في 2023 الأفضل منذ بداية الأزمة

 

بالرغم من الإرتفاع القياسي في أسعار تذاكر الطيران

 

 

بعد صراع مع جائحة «كورونا» دام أكثر من عام، وتحقيق خسائر في قطاع الطيران وتضخّم عالمي، ها هو قطاع السياحة والسفر «يشدّ أحزمته» ويستعدّ للاقلاع مجدّداً في موسم صيف 2023، أقلّ ما يُقال عنه انه سيكون واعداً.

 

قطاع حجوزات السفر من لبنان الى الخارج المعروف بالـoutgoing يحلّق عن العام الماضي بنسبة تتراوح بين 30 و 40 في المئة، مقابل هجمة مضادة من المغتربين اللبنانيين وبعض السيّاح العرب والأوروبيين باتجاه لبنان.

 

ويعود سبب تحريك عجلة المسافرين الى الخارج الى انتهاء جائحة كورونا من جهة ودخول البلاد في دائرة الدولرة من جهة أخرى، إضافة إلى «حَلحلة» آلية الحصول على جوازات السفر على عكس العام الماضي حيث كان الحصول عليها مهمّة صعبة، فنشط البعض لينفق ما في الجيب للترفيه ولو لفترة وجيزة، أو تلبية لدعوة الأهل في الخارج والتي تكون في غالب الأحيان على نفقة المغترب.

 

عودة العادات القديمة

 

وبلد المقصد للسياحة هي الدول القريبة من لبنان و»الأرخص»، فتحتل تركيا الدرجة الأولى، بسبب عدم الحاجة الى فيزا، ثم شرم الشيخ ثانياً (والتي يتمّ الحصول على تأشيرة الدخول اليها في المطار)، وتليهما اليونان وقبرص. أما الطبقة الغنية من اللبنانيين فتقصد الدول الأوروبية لا سيما ايطاليا وفرنسا… وهذا الواقع إن دلّ على شيء، فعلى أن اللبناني رغم كل الظروف وبسبب دولرة رواتب القطاع الخاص، إستعاد «عادة» السفر ولو لمرة واحدة سنوياً، للاستجمام وللخروج من الأجواء القاتمة سياسياً واقتصادياً.

 

حركة شهر أيار

 

اما بالنسبة الى حجوزات القادمين الى لبنان، ستكون حتماً مرتفعة بأشواط، إذ إن عدد الوافدين إلى لبنان خلال شهر نيسان الماضي إرتفع بنسبة 30.4 في المئة عن الشهر نفسه من العام السابق، وبلغ 281614 راكباً. كما ارتفع عدد الركاب المغادرين بنسبة 43.72 في المئة، بسبب تخلّل نيسان إجازات متعددة لمناسبة عيدي الفصح والفطر. أما بالنسبة الى الشهر الجاري، فقال مدير عام الطيران المدني فادي الحسن لـ»نداء الوطن» إن مقارنة يومية بسيطة تبيّن أن إجمالي عدد الركاب الذين وصلوا الى مطار رفيق الحريري الدولي في شهر أيار وتحديداً لغاية 11 منه بلغ 94546 راكباً مقابل مغادرة نحو 101615 فرداً.

 

ما يعني أن حركة المغادرين من البلاد استعادت عافيتها حتى أنها تتفوّق على القادمين اليه، ومن المرتقب أن تسجّل تلك الأرقام زيادة في الأشهر الثلاثة المقبلة عند انتهاء المدارس وحلول موسم الصيف.

 

وتصنّف الإحصاءات الصادرة عن المديرية العامة للطيران المدني عدد الواصلين والمغادرين الى البلاد الى فئات: درجة سياحية ودرجة رجال أعمال ودرجة أولى والقاصرون والدبلوماسيون والمكلفون بمهمة والعسكريون ومن الأمم المتحدة.

 

الى اين تتوجه الرحلات؟

 

أوضحت صاحبة ومديرة وكالة Travelite غريس نصّار لـ»نداء الوطن» أن «عدداً كبيراً من المغادرين هم بهدف العمل business trip، أما الحجوزات التي تهدف الى الإستجمام والترفيه التي بدأت عجلتها تتحرّك للصيفية تتركّز الى شرم الشيخ وتركيا ومصر و»بودروم»… وتكون لفترة قصيرة، وعادة تقدم عليها الطبقة المتوسطة.

 

أما بالنسبة الى السيّاح القادمين الى لبنان، فقالت نصّار إنهم من الدول العربية والخليجية مثل السعودية ودبي وقطر، طبعاً عدا القادمين من الولايات المتحدة الأميركية وكندا. وبرأي نصّار إن حركة الحجوزات من والى لبنان للعام 2023 هي أفضل من العام الماضي.

 

ويأتي ذلك رغم «زيادة أسعار تذاكر السفر للعام الجاري بنسبة تصل الى 50% عن العام 2020» الذي بدأت خلاله جائحة كورونا كما اوضحت نصّار. أما سبب تلك الزيادة فيعود الى ارتفاع أكلاف الشحن والمحروقات والتضخم الذي استفحل بعد بدء الحرب الأوكرانية، والى عزم شركات الطيران تعويض الخسائر التي منيت بها طوال فترة إغلاق المطارات في العالم للحدّ من انتشار «كوفيد 19».

 

حجوزات ترتفع 30 و 40%

 

هذه الأجواء الإيجابية، عكستها ايضاً مستشارة السفر في وكالة Barakat Travel كريستين بركات، مؤكّدة خلال حديثها الى «نداء الوطن» أن «عدد اللبنانيين الذين يحجزون للسفر خارج البلاد تحسّن عن العام الماضي بنسبة تتراوح بين 30 و 40%. وتعود الأسباب برأيها الى دولرة الرواتب، والى الرغبة في السفر ولو كان على حساب تقنين المصروف اطوال عام».

 

ووفقاً لبركات «تحتلّ شرم الشيخ الوجهة الأولى من الحجوزات بنسبة 60% وخصوصاً في عيد الفطر وفي فصل الصيف وتحديداً بين شهري حزيران وتمّوز. أما إيطاليا فتأتي بالدرجة الثانية مشكلة نسبة 20% من الحجوزات لشهر حزيران. وتليهما مارماريس وبودروم وأنطاليا في تركيا.»

 

وفي ما يتعلّق بالحجوزات المسجلة للقادمين الى لبنان في الأشهر المقبلة، فمن المتوقّع أن يكون عددهم مرتفعاً اذ زادت نسبة الحجوزات عن الفترة نفسها من العام الماضي بنسبة 40% لأشهر حزيران، تموز وآب.

 

الأمر نفسه أكّدت عليه وكالة سفر تعتمد على الـoutgoing في عملياتها اذ قال مسؤول فيها لـ»نداء الوطن» أن «حركة حجوزات للسفر من لبنان الى الخارج نشطت، والطلب بالنسبة اليهم مقارنة مع العام الماضي إرتفع بنسبة 30% خلال شهري آذار ونيسان».

 

تركيا وجهة ثابتة

 

وبالنسبة الى الوجهات التي يركّز عليها السائح اللبناني في أجندته، قال أنها تتوزّع بين أوروبا، إيطاليا وإسبانيا والبرتغال. علماً أن تركيا «لا تزال وجهة اللبنانيين السياحية الأولى رغم ان الزلزال الذي حصل في شباط والذي كان له تأثير سلبي، إذ فرمل حركة الحجوزات الى ذلك البلد لفترة شهرين، ولكن يبدو اليوم أن اللبنانيين بدأوا بنسيان أن زلزالاً وقع في تركيا خصوصاً وأن اسطنبول لم تتأثّر به».

 

فالحجوزات تتركّز في تركيا على الـTurkish Riviera أي على الخط الساحلي البحري لتركيا مثل انطاليا، بودروم ومارماريس، فتحرّكت الحجوزات الى تركيا وتوازياً زاد الطلب على اليونان في حين ان قبرص التي تعتبر ايضاً من الوجهات السياحية الأولى لم يتغيّر الإقبال عليها لا زيادة ولا نقصاناً. كل ذلك يأتي، في حين ان الموسم لم «يُقلع» فعلياً ولم تبدأ وكالات السياحة بالإعلان عن رزمها وعروضاتها، اذ لا نزال في النصف الأول من شهر ايار، والسيّاح يترقبون الإنتخابات الرئاسية في تركيا قبل حسم قرارهم بالسفر اليها.

 

ولكن السفر الى الخارج، لم يعد سهلاً إذ يعاني الراغب في السفر من عامل استيفاء شرط «كشف الحساب» باعتبار أنه لم يعد لدى كل المواطنين حساباً مصرفياً بل تمت تصفيتها من البعض وبعض السفارات لا يرضى بكفيل لذلك يقع خيار الراغب في قضاء عطلته خارج لبنان، على الدولة الأقرب والأرخص والتي لا تحتاج الى تأشيرة دخول أو تأشيرتها مسهّلة».

 

مهما زادت اعداد المغادرين من البلاد، فإن أعداد القادمين المرتقبة والتي ستتعدّى المليون سيكون بمعظمها من المغتربين الذين نعوّل عليهم لضخّ الدولارات في البلاد، ما سيخفّض من تدخّل مصرف لبنان في السوق للجم الدولار الذي مضى على استقراره شهران ويعوّض عن خروج الدولارات من البلاد بسبب عودة السياحة الخارجية، علماً ان عودة عادة السفر للطبقة الوسطى من شأنه إخراج العملة الصعبة من البلاد بدلاً من إنفاقها داخل البلاد.

 

أسعار التذاكر ترتفع

 

زادت أسعار تذاكر السفر في فرنسا على سبيل المثال بنسبة 23,6 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2023، إستناداً الى إحصائيات دولية.

 

ومن أهم أسباب ارتفاع أسعار التذاكر ارتفاع سعر المحروقات منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، بنسبة 71% على أساس سنوي، إذ يمثّل وقود الطائرات نحو 30% من تكاليف شركات الطيران، فرفعت شركات الطيران أسعار التذاكر بنسبة تتعدى الـ30%.

 

فضلاً عن عوامل اخرى مثل «الزيادة الحادة في تكاليف الصيانة» المرتبطة بشحّ بعض المعادن وتعطل سلاسل التوريد.، وزيادة أجور موظفي شركات الطيران.

 

وبالنسبة الى قيمة ارتفاع أسعار بطاقات السفر من لبنان الى سائر الدول، فإن الأسعار ارتفعت بقيمة تتراوح بين 200 و 300 دولار. فدول المقصد التي سجّلت الزيادة الأكبر عليها هي الدول الأوروبية مثل فرنسا حيث تتراوح اليوم أسعار التذاكر عبر شركة طيران الميدل ايست بين 530 و 1120 دولاراً، بعدما كانت تصل الى 800 دولار في السابق. وتذاكر السفر الى اسطنبول على سبيل المثال تتراوح بين 280 و 620 دولاراً.

 

أما اليونان والتي تصنّف كبلد أغلى من تركيا وأرخص من فرنسا وعدد من اللبنانيين يتملكون منازل فيها، فتتراوح قيمة تذاكر السفر من بيروت اليها بين 300 و 550 دولاراً. أما قبرص فهي الأقرب والأقل كلفة للتذاكر فقط اذ تتراوح حالياً بين 200 و 320 دولاراً.