لا تُذكَر دولة الإمارات العربية المتحدة في لبنان إلا ويُذكَر الخير معها، ليس منذ اليوم مع حاكم الإمارات الشيخ خليفة بن زايد أو مع ولي العهد ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد، بل منذ أيام الوالد الراحل، المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الإمارات.
والقصة ليست منذ اليوم بل منذ نحو نصف قرن:
ها هو الشيخ زايد طيب الله ثراه في أيار من العام 1974 يقدم 510 ملايين ليرة لبنانية كمساعدة، وليس كقرض، لتمويل مشروع الليطاني، على أن تشرف دولة الإمارات مع لبنان على تنفيذ المشروع، وتقرر حينها تأليف لجان متابعة للمشروع بين الدولتين.
هذا المبلغ كان يساوي آنذاك أكثر من ربع مليار دولار، وفي العام ذاته قرَّر الشيخ زايد رحمه الله الإسهام في الخطة الدفاعية للبنان، بمساعدة بقيمة 600 مليون ليرة لبنانية، أي ما يوازي 300 مليون دولار.
كان ذلك منذ نصف قرن حين كانت تتجمع غيوم الحروب الداكنة فوق سماء لبنان، فيما كان همُّ مؤسس دولة الإمارات تقديم الدعم للبنان.
***
منذ نصف قرن إلى اليوم لم يتغير المشهد، فبالتزامن مع انعقاد مؤتمر سيدر أعلنت الإمارات أنَّها ستقدّم 200 مليون دولار دعماً للجيش اللبناني والقوى الأمنية.
وأنَّ الدعم سيكون مناصفة، حيث سيحصل الجيش اللبناني على 100 مليون دولار وستحصل قوى الأمن على100 مليون دولار.
والأهم من ذلك الموقف الذي واكب الإعلان عن المساعدة والذي اعتبر أنَّ مناعة وقوة المؤسستين العسكرية والأمنية في لبنان أولوية لدولة الإمارات في هذه الظروف الدقيقة، لما لذلك من دور في تعميق استقرار لبنان واستعادة دوره في محيطه الإقليمي.
***
وبين العامين 1974 و2018، محطات كبيرة وكثيرة مشرقة، كانت كلُّها خيراً للبنان على يد الإمارات:
في العام ١٩٩٠، علينا ألا ننسى المساعدة الكريمة والمباركة من رجل العطاء الراحل الشيخ زايد، التي كانت بقيمة خمسة ملايين دولار لإعادة ترميم وبناء القصر الجمهوري في بعبدا، الذي كانت دمرته الحرب في لبنان، وانتقل إليه في العام ١٩٩٣ الرئيس الهراوي من المقر الرئاسي المؤقت.
ومن العام 1993 قررت، بتوجيه من الشيخ زايد، منح لبنان مساعدات بقيمة 30 مليون دولار أميركي، وقام سفير الإمارات في بيروت آنذاك محمد عبدالله عامر الفلاسي بنقل القرار إلى المسؤولين اللبنانيين.
لم يقتصر الأمر على ذلك، ففي أيار عام 1998، أودعت دولة الإمارات العربية المتحدة مبلغ 100 مليون دولار أميركي في المصرف المركزي اللبناني.
وفي كانون الثاني عام 2003، اكتتبت الإمارات العربية المتحدة بسندات خزينة بقيمة 300 مليون دولار أميركي، لدعم الخزينة اللبنانية، تنفيذاً لمقررات مؤتمر باريس – 2.
***
ولا يمكن لأحد أن ينسى، أنَّ الإمارات قدمت في آذار من العام 2007 تسع طائرات هليكوبتر عسكرية من طراز غازيل، مع كمية من قطع التبديل، وقدمت مساهمة في إعادة إعمار مخيم نهر البارد.
***
ويضاف إلى هذا وذاك، تفاعل العنصر البشري وهو الأهم بين لبنان والإمارات، وكذلك الرعاية الإماراتية الدائمة للجالية اللبنانية في الإمارات. وكم من الأجيال اللبنانية تعاقبت على العمل في الإمارات، وأرسلت الأموال إلى ذويها في لبنان وساهمت بذلك في دعم بلدها الأم إقتصادياً واجتماعياً. ومن عاد إلى لبنان وجمع ثروة من عمله في الإمارات، استثمر جنى العمر داخل وطنه. والجالية اللبنانية من أهم الجاليات في الدولة.
كل هذا التراث من العلاقة الأخوية بين لبنان والإمارات، يُحافِظ عليه بأدقِّ تفاصيله سفير الإمارات في لبنان الدكتور حمد سعيد الشامسي، فهو يعتبر أنَّ هذه العلاقة أمانة غالية جداً يحافظ عليها يومياً من خلال أدائه وعلاقته الجيدة مع جميع الأطراف اللبنانية، ولا يعتمد سوى الدبلوماسية الإيجابية في هذه العلاقة، خاصة بعد انعقاد القمة العربية في الظهران حيث طلب لبنان من الأشقاء في دولة الإمارات رفع الحظر عن مجيء الإماراتيين الى بلدهم الثاني لبنان.
***
العلاقات اللبنانية – الإماراتية كنزٌ، الحفاظ عليه واجب.