قبيل انعقاد القمتين في مكة المكرّمة باستضافة من المملكة العربية السعودية يطرح السؤال ذاته بإلحاح: ماذا عن العلاقات العربية – الايرانية عموماً، والخليجية – الايرانية خصوصاً، والسعودية – الايرانية تحديداً؟!.
وثمة سؤال آخر إنما أقل تداولاً، وهو: ماذا عن العلاقات بين دول الخليج العربي وقطر؟
السؤال الثاني الجواب عليه أكثر يسراً، إذ ثمة بوادر إيجابية يمكن البناء عليها منها على سبيل المثال لا الحصر: توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الدعوة الى أمير قطر الشيخ تميم لحضور القمة، ثم الطائرة الخاصة التي حطّت في المملكة آتية من الدوحة، ناهيك بالحراك المهم الذي يقوده أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لرأب الصدع الخليجي، الذي لم يتوقف بالرغم مما اعترض سبيله من عقبات وعراقيل.
أمّا الجواب على السؤال الأوّل فليس عند الرياض ولا هو عند أي بلد خليجي، بل يجب أن يكون عند إيران ذاتها، فهذا البلد الذي «سلّف» البلدان العربية سلسلة اعتداءات لا حصر لها يعرف (أو يجب أن يعرف) أنّ المصالحة مع العرب، والمعاهدات التي يطالب بها لها مقدّمة واحدة لا غير، ألا وهي وقف الاعتداءات بشريطها الطويل العريض وإظهار حسن النيّة ليس فقط بالكلام إنما بالممارسة على الارض.
يتحدّث نائب وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي عن نيّة إيران حضور قمة منظمة التعاون الاسلامي في مكة «رغم عدم تلقيها أي دعوة من الملك سلمان» مستدركاً أنّ مشاركتها لن تكون على مستوى رفيع مدّعياً أنّ دعوة وجهت إليها من الأمانة العامة للمنظمة، (وبالطبع ليس من البلد المضيف).
ولا تتوقف الوقاحة الايرانية عند هذا الحد، بل تضيف الخارجية الايرانية أنها تتقدّم بـ»فكرة» حول توقيع «معاهدة عدم اعتداء» بين دول الخليج (بما فيها إيران). وكان وزير الخارجية محمد جواد ظريف قد أعلن من العراق، قبل بضعة أيام أنّ بلاده اقترحت توقيع معاهدة خاصة بعدم الإعتداء (…) على خلفية تصعيد التوتر في المنطقة والمخاوف المتزايدة من مواجهة عسكرية مباشرة بين إيران والولايات المتحدة.
واضح أنّ إيران تريد المعاهدة على قاعدة «من الآن وصاعداً»، أي أنها تريد أن تحتفظ بكل ما حققته من اعتداءاتها على البلدان العربية، حتى إذا وقعت المعاهدة (وهذا احتمال غير وارد) وطالبت الامارات العربية المتحدة بجلاء إيران عن الجزر الثلاث: ابو موسى وطمب الكبرى وطمب الصغرى، تكون الامارات معتدية؟!.
هذا هو ببساطة التفسير الواقعي لما تخفيه إيران من المعاهدة التي تطرحها.
وسيكون الامر كذلك إذا طالبت أي دولة عربية بوقف التدخل الايراني الصارخ في الشؤون البحرينية وتحريض قلّة من البحرينيين على الحكومة الشرعية في مملكة البحرين.
وأيضاً إذا طالبت أي دولة عربية إيران بوقف انتهاك سيادة العراق، ستكون هذه الدولة العربية معتدية وقد خرقت المعاهدة!
وفي سياق موازٍ، إذا طولبت إيران بوقف إعتدائها الصريح على اليمن… وبوقف قتلها الشعب السوري… وبوقف إنشائها الميليشيات المسلحة في غير بلد عربي… وبوقف هجماتها على ناقلات النفط العربية… وبوقف توجيه صواريخها وطائراتها من دون طيار الى المملكة العربية السعودية الخ…
أخيراً وليس آخر: المعاهدة المشبوهة هذه لا نرى أنها ستمرّ… ويقيننا أنّ ما من دولة عربية خليجية أو غير خليجية تقبل بتوقيعها… إلاّ بعد أن توقف إيران عدوانها المتواصل منذ أربعة عقود على الأمة العربية وعلى الدين الحنيف.
وبعد: فليدلّنا الايراني الى دولة عربية واحدة اعتدت عليه!
عوني الكعكي