على وقع انطلاق الاحتجاجات المعيشيّة ومراقبة ما سيجري في الأيام المقبلة، لا يزال الوضع الإقتصادي يستحوذ على الاهتمام الأكبر لدى الشعب والمرجعيات على حدّ سواء.
لا يمكن القول حالياً إن الوضع قد انهار ولم يعد هناك من طريق عودة من النفق المظلم، لكن في المقابل فإن الوضع ليس على ما يرام إذ إنّ أحداً لا يملك جواباً عما ستحمله الأيام من تطورات إقتصاديّة.
وأمام هذه الوقائع لا يزال الدولار يُثير مخاوف الشعب خصوصاً مع الخوف من إنخفاض سعر صرف الليرة وتجدّد الأزمة التي عاشها الشعب في نهاية ثمانينات القرن الماضي وبداية التسعينات.
وبرز أمس موقف للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إذ رفض الهجوم على قائد الجيش العماد جوزف عون وقيادة الجيش، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وفي السياق، يدخل اسما قائد الجيش وحاكم “المركزي” ضمن أندية الأسماء المرشّحة لرئاسة الجمهوريّة، وبالتالي تسعى الطبقة الحاكمة وعلى رأسها بعض الزعامات المارونية الطامحة للوصول إلى كرسي بعبدا إلى حرق الأسماء المنافسة وعلى رأسها “الحاكم” و”القائد”، خصوصاً أنهما يملكان علاقات قوية مع الخارج ومع الأميركي على وجه الخصوص نتيجة طبيعة عمل كل منهما.
وبعيداً من حسابات البعض الرئاسيّة، فإن بكركي ترى أن “مركز حاكم مصرف لبنان تجب حمايته، لأنه مركز أمّن الإستقرار المالي والنقدي طوال السنوات الماضية، وبالتالي فإن استسهال البعض إظهار رياض سلامة على أنه المسؤول عن الأزمة الإقتصادية واستعماله ككبش محرقة لا يجب أن يمرّ مرور الكرام”.
وتؤكّد بكركي أن “المسؤول الأول والأخير عمّا وصلت إليه البلاد هو الطبقة السياسية مجتمعةً وإن بنسب متفاوتة، وهذه السياسات التي تتبعها منذ التسعينات حتى يومنا هذا أدّت إلى ما أدّت إليه”، وتوضح أنّ “حاكم مصرف لبنان ليس هو من قام بالسرقة والنهب والفساد وإغراق المؤسسات بالموظفين الذين يقبضون رواتبهم ولا يعملون”. وتشدّد على رفضها القاطع والحازم المسّ بسلامة لأن هذا الأمر سيسرّع الإنهيار خصوصاً أن الرجل هو “من زرع الطمأنينة لسنوات، في حين أنّ الأمور تتطلّب المسارعة إلى الإصلاح بدل التلهّي بشنّ هجمات على من يعمل لخدمة بلده”.
وما ينطبق على سلامة ينطبق على قائد الجيش، إذ إنّ بكركي ترى أنّ “ضرب الإستقرار الأمني سيؤدّي إلى ضرب أسس البلد كلياً، فالجيش يقوم بمهمات متتالية وناجحة، وكان آخرها إستيعابه الفتنة في القرنة السوداء بين أهالي بشرّي وأهالي الضنية”. وتلاحظ أنّ الحملة التي تُشنّ على الجيش وقائده لها أهداف سياسيّة بهدف النيل منه، وبالتالي فإن الوقت ليس الآن وقت مناكفات ومحاولة الإنقضاض على القيادات التي تسعى إلى إبقاء الوضع مستقراً.وتُركّز على أنّ الجيش نال ثقة دولية عارمة، وهذا ما يعبّر عنه قادة الدول الكبرى، وقد نجح الجيش في القضاء على ظاهرة الإرهاب، وبالتالي فإن دعمه هو من الأولويات.
تراقب بكركي تطوّرات الوضع العام، وتدعو إلى إبعاد الجيش وحاكمية مصرف لبنان عن الزواريب السياسيّة وعدم النيل من كل مؤسسة تنتج، وترى أن الترابط واضح وظاهر للعيان بين المؤسسة العسكرية ومصرف لبنان، خصوصاً أن إنهيار الوضع المالي سيؤدّي إلى فوضى عارمة تعمّ كل البلاد ولن يسلم منها أحد مع اندلاع التظاهرات والاحتجاجات، كذلك فإن ضرب المؤسسة العسكريّة سيؤدّي حكماً أيضاً إلى فقدان الثقة بالبلد، وهروب المستثمرين، مما سيزيد من سوء الوضع الإقتصادي والإجتماعي للمواطن ولا سيما في لقمة عيشه.
وعلى رغم التطمينات التي تخرج من هنا وهناك، إلاّ أنّ الأجواء السلبية تخيّم على الصرح البطريركي مع عدم قدرة المسؤولين على إتخاذ إجراءات إصلاحية جذرية.