IMLebanon

ثلاثيّة ماسيّة : الدستور والقوانين والإنسان !!

 

باختصار شديد، ومن دون «لفّ ودوران» وبعيدا من التشريح المملّ، قرار المجلس الدستوري  بإلغاء قانون الضرائب، ماذا اراد ان يقول؟؟!

اراد القول ببساطة ان المؤسسات الثلاث العليا، مجلس الوزراء، ومجلس النواب، ورئاسة الجمهورية، خالفت الدستور والقوانين المرعية الاجراء، يعني ان هناك مسؤولية يتحملها، الوزراء الذين وافقوا على هذا القانون وفي مقدمهم رئىس مجلس الوزراء، وان هناك مسؤولية يتحمّلها النواب الذين اقروا هذا القانون وفي مقدمهم رئيس المجلس، وان هناك مسؤولية تتحمّلها رئاسة الجمهورية بشخص رئىس الجمهورية الذي وقع القانون وسمح بأن يصبح نافذا.

اذا كانت هذه المؤسسات الارفع في الدولة، لا تؤتمن على قانونية ودستورية قانون واحد، ولو انه تسنّى لقوانين اخرى ان يطعن فيها عشرة نواب، لربما كانت اصيبت بما اصاب قانون الضرائب، ولذلك من المفيذ تعديل المادة التي تفرض ان يكون الطعن مقدما من عشرة نواب، وقبول الطعن المقدّم من نائب او نائبين، لأن هرطقة الحكومات التي تسمّى حكومات وحدة وطنية، او تآلف وطني، او اتحاد وطني قد تشكّل جميع الكتل النيابية بحيث يصبح مستحيلا، الطعن في أي قانون لأن توافر تواقيع عشرة نواب لتقديم طعن يصبح مستحيلا، واكبر برهان على ذلك، تغييب اجراء الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، خلافا لما نصّ عليه الدستور، لأن الكتل النيابية، حتى تلك التي تطالب بإجراء الانتخابات، لم تطالب المجلس الدستوري بإبداء رأيه في هذه المخالفة التي تشاركت في تطييرها المؤسسات الثلاث الكبرى، الحكومة، ومجلس الوزراء، ورئاسة الجمهورية.

وفي الخلاصة، يمكن التأكيد والقول ان الامور في لبنان، قد تسلك طرقا غير دستورية وغير قانونية، وليس هناك من يراقب ويحاسب، الاّ بشق النفس، وهذه الحالة لا تتوافر الاّ نادرا، ولنا في هذا المجال العديد من الثوابت والشواهد، التي دفع اللبنانيون ثمنها غاليا.

*  *  *  *

السؤال الآن، هل ان نظام الحكم القائم، قد هرم وشاخ، واصبح من الضروري اصلاحه واعادة الحياة اليه، او ان المتغيرات العميقة التي شهدها لبنان منذ العام 1943 حتى الآن، تقضي بالتفتيش عن نظام جديد يأخذ في الاعتبار ما احدثته هذه المتغيرات من تفسّخ في بنية الدولة ومؤسساتها، انتج على مر الاعوام طبقة سياسية لا علاقة لها بالاصول والاعراف والقوانين والدستور، وخلقت من اجل تأمين مصالحها، اصولا واعرافا وقوانين ودستورا خاصة بها لحماية ديمومتها وتسلطها على الدولة، مستغلة بذلك لعبة الطوائف والمذاهب ومنطق القوة والترهيب، اللذين اجادت ممارستهما وأدّيا في نهاية الامر الى الواقع المرير الذي يعيشه الشعب اللبناني اليوم، فقيرا، قلقا، عاطلا من العمل، مهاجرا، خائفا من الغد، لأنه يعرف انه يخبىء له الأصعب والاسوأ.

ما زال هناك في لبنان، جماعات واحزاب، عانت ما عانته على يد هذه الطبقة الحاكمة في ظل النظام الامني السوري – اللبناني، وهي تعرف من خلال تجاربها الطويلة العديدة، ومن خلال «جيناتها» الصالحة المتوارثة ان المهادنة مع الطبقة السياسية المتحكمة بمفاصل الدولة وبالشعب، لم تعد ورقة صالحة للتغيير من داخل النظام، وعليها اليوم قبل الغد، ان تضع مخططا او تصورا او رؤية لنظام جديد ينقذ لبنان من جميع انواع الموبقات المستوطنة منذ عقود، اذا اريد حقا للبنان ان ينهض من الرماد، وقد تكون الاوضاع الاقليمية والدولية الحالية مؤاتية لمساعدة لبنان على ان يصبح دولة، يحترم فيها الدستور والقوانين والانسان، الثلاثية الماسية لغد آمن مشرق.