«رحلة» هنيبعل من سوريا إلى الأشرفية
توقيف حسن يعقوب: هل نكث ريفي بـ «وعده» للخاطفين؟
ربطت محامية هنيبعل القذافي، بشرى الخليل، بين توقيف النائب السابق حسن يعقوب في قضية خطف هنيبعل القذافي وما أدلت به عن تورط وزير العدل أشرف ريفي في الخطف، مشيرة الى أن الأخير «نكث بوعده للخاطفين بعدم ملاحقتهم قضائياً بعدما انكشف دوره»!
بإشارة من النيابة العامة التمييزية، أوقف فرع المعلومات النائب السابق حسن يعقوب على ذمة التحقيق في إطار ملف اختطاف هنيبعل، الإبن الأصغر للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. وكان الفرع قد اتصل بيعقوب للإستماع إلى أقواله بعدما جرى التداول باسمه في الإعلام، منذ الإعلان عن الخطف. أرسل يعقوب محاميه نيابة عنه، لكن الفرع أصر على حضور يعقوب شخصياً لختم الملف. منذ الثانية عشرة ظهراً حتى المساء، بقي يعقوب غائباً عن السمع داخل غرفة التحقيق، ما دفع عائلته إلى إصدار بيان تستغرب فيه «هذا التصرف».
حوالي السابعة والنصف مساء، أعلن علي يعقوب أن الفرع أوقف شقيقه على ذمة التحقيق بعد تلقيه اتصالا منه يطلب فيه تأمين حاجيات له لأنه سيمضي الليلة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
مصادر أمنية متابعة للتحقيق أكّدت لدى استدعاء يعقوب أنّ الاستماع اليه سيكون على سبيل الاستئناس ولن يُصار إلى توقيفه. ولكن بعد الاستجواب، أصدر المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود قراراً بتوقيفه على خلفية التخطيط لخطف القذافي. وقالت مصادر أمنية مطّلعة على الملف إن التحقيقات أفضت إلى وجود معطيات تفيد بدور رئيسي ليعقوب في التخطيط لعملية استدراج القذافي وخطفه، ونقله من سوريا إلى لبنان، بالتنسيق مع مجموعات في الداخل السوري، ومجموعة لبنانية مسلحة. ونقلت المصادر أن يعقوب ووجه بتسجيلات بينه وبين سيدة تدعى فاطمة هـ. (وهي أرملة ضابط سوري) متورطة في استدراج القذافي، بعدما أنكر معرفته بها أو ضلوعه في العملية. فيما أشارت مصادر أخرى الى مواجهة جرت بين يعقوب وفاطمة. «واستناداً إلى المعطيات المتوافرة لدى ضباط الفرع جرى توقيفه على ذمة التحقيق لاستكمال التحقيق معه نتيجة لتناقض إفادته».
مصادر أمنية استعرضت لـ «الأخبار» فصول خطف القذافي من سوريا إلى الأشرفية. «مطلع الشهر الجاري، أنجزت فاطمة هـ. ترتيب لقاء بين هنيبعل الذي تربطها به صداقة وأشخاص لبنانيين سيساعدونه على تسوية جوازات السفر العائدة لأطفاله، ويعرّفونه على جهات لدعمه بالسلاح لإيصاله إلى مسلحين قريبين منه في ليبيا».
وكيلة القذافي: ريفي علم بالخطف منذ حصوله ونسّق مع الخاطفين عبر وسيط
علماً بأن هنيبعل مقيم في سوريا مع زوجته اللبنانية ألين سكاف وأطفاله بعدما منحته السلطات السورية صفة لاجئ سياسي. بحسب المصادر «التقى هنيبعل الأشخاص اللبنانيين الذين لم يكن يعرفهم من قبل، في مكان بعيد عن الأعين بطلب منهم، بعدما كان آتياً من اللاذقية. وبعدما قطع مسافة معهم في السيارة، توقفوا بشكل مفاجئ وأنزلوه منها ووضعوه في الصندوق الخلفي بعدما وضعوا كيساً في رأسه. مر وقت طويل وهو محشور في الصندوق، قبل أن ينزلوه مجدداً في مكان آخر ويوسعوه ضرباً ويسحلوه. إلى أن أدخلوه إلى بيت مهجور، بقي فيه لأيام». هناك احتجز لحوالي أسبوع، حيث تعرض للضرب مجدداً وأجبر على تسجيل شريطين يتحدث فيهما عن معلومات حول مسؤولية والده عن جريمة إخفاء الإمام موسى الصدر. الشريط الأول عرض إعلاناً عن اختطافه، فيما الشريط الثاني بحوزة فرع المعلومات، بحسب المصادر.
ماذا عن دور وزير العدل أشرف ريفي في العملية؟ تؤكد وكيلة هنيبعل المحامية بشرى الخليل أن ريفي «علم بالخطف منذ حصوله، لكنه تكتم على الأمر لغاية ما في نفسه، ونسّق مع الخاطفين عبر وسيط». من خلال ذلك الوسيط، «طلب ريفي من الخاطفين تسليم هنيبعل إلى فرع المعلومات دون سواه من الأجهزة». ونقلت وعداً تلقاه الخاطفون من ريفي «بألا يتم التعرض لهم وملاحقتهم قانونياً». في هذا الإطار، لفتت إلى أن النيابة العامة التمييزية حتى صباح أمس لم تكن قد ادعت على أحد بجرم الإختطاف، رابطة بين المستجدات حول يعقوب بما أدلت به لـ «الأخبار» عن تورط ريفي «الذي اضطر إلى النكث بوعده وإعطاء إشارة الملاحقة القضائية للخاطفين». الخليل توقفت عند فرق التوقيت بين تسلم المعلومات لهنيبعل والإعلان عن الأمر ليل الجمعة الماضي. وأشارت إلى أنه استلمه قبل الجمعة بيومين أو أكثر. علماً أن مصادر في قوى الأمن الداخلي نفت هذه الرواية، مؤكدةً أن ضباط الفرع استلموا القذافي بعدما رفض كل من الأمن العام واستخبارات الجيش استلامه.
فرع المعلومات استمع إلى فاطمة. وعلى ضوء اعترافاتها، استدعى يعقوب. وأشارت المصادر إلى أن «نجل يعقوب من بين الخاطفين ويعقوب نفسه كان يعلم بالمخطط منذ البداية»، لكن هل كانت خطوة آل يعقوب فردية أم منسقة مع جهات أخرى؟ حتى الآن، تشير المعطيات إلى أن «يعقوب فاتح على حسابه»، جازمة بأن كلاً من حركة أمل والرئيس نبيه بري وحزب الله «لم يكونوا على علم بالأمر».
وأشارت الى أنّ يعقوب نسّق مع مجموعة لبنانية بقيادة قيادي ميليشوي سابق وأفراد من إحدى العشائر البقاعية، تولّوا بدورهم التنسيق مع إحدى العصابات السورية لنقل المخطوف عبر الحدود من الهرمل إلى الداخل اللبناني.
وليل أمس، استقدمت القوة الضاربة في فرع المعلومات تعزيزات أمنية وقطعت طريق فرن الشباك ــــ الأشرفية، وطريق الشام القديمة أمام المقر الرئيسي للمديرية العامة لقوى الامن الداخلي، بعدما تجمع مناصرو يعقوب امام مبنى المديرية احتجاجا على توقيفه.
واحتجاجا على توقيف يعقوب، قُطع طريق الشراونة ــــ تل ابيض عند مدخل مدينة بعلبك الشمالي وطريق بلدة مقنة في البقاع الشمالي قبل أن يعيد الجيش فتحهما.
ريفي يخالف القانون ويحتفظ بالتبليغات السورية
آمال خليل
حتى يوم أمس، لم يكن طلب الإسترداد السوري لهنيبعل القذافي الموقوف لدى فرع المعلومات بتهمة كتم معلومات بجريمة إخفاء الإمام موسى الصدر، قد وصل من وزارة العدل إلى النيابة العامة التمييزية برغم قصر المسافة بينهما. مصادر قضائية أكدت أن وزير العدل أشرف ريفي لا يزال يحتفظ بالمذكرة في أدراجه بعدما بادر بنفسه إلى الرد عليها، بخلاف القانون، إذ يقضي بأن وزارة العدل ليست سوى ساعي بريد بين الجهات القضائية في لبنان والخارج. وعليه، لا يملك وزير العدل صلاحية بت أي طلب استرداد أو تبليغ، بل هي محصورة بالنائب العام التمييزي، لكن ريفي ابتدع صلاحيات جديدة. سريعاً، أعلن مكتبه الإعلامي رفضه لطلب الإسترداد بقرار معلل. وبصرف النظر عن أحقية الأسباب التي ساقها، إلا أن طلب هنيبعل سلط الضوء على التمييز الذي يمارسه ضد التبليغات الواردة من سوريا حصراً. إذ تؤكد المصادر أن ريفي يتعاطى بشكل طبيعي مع التبليغات الواردة من أميركا أو السعودية أو قطر وغيرها ويحوّلها، كما يقضي القانون، إلى الجهات القضائية المعنية من دون تدخل. أما التبليغات الواردة من سوريا، فإن الداخل منها مفقود إلى وزارة ريفي والخارج مولود. إذ يمتنع عن توزيعها على الجهات المختصة، بل يحيلها إلى الحفظ أو التلف. علماً بأن التبليغات تشمل دعاوى مرفوعة ضد لبنانيين أمام القضاء السوري وحفظها يؤدي إلى عرقلة سير المحاكمة فيها.
في قضية اختطاف هنيبعل، عقّب ريفي على ما ورد في “الأخبار” أمس نقلاً عن المحامية بشرى الخليل التي اتهمت ريفي بالتورط في الإختطاف واعتبرت رفض طلب الإسترداد السوري غير قانوني. فصوّب، في بيان له أمس، على النظام السوري بالقول:” راهن البعض على بشرى سارة للنظام السوري، بقبول تسليم المدعو هنيبعل إلى نظام خابت رهاناته والرهانات عليه، إلا أن ما فات هؤلاء أن لبنان اليوم يرتكز على قضاء يعمل على أسس العدالة والسيادة المفقودة لديهم، وهو ما أفقدهم صوابهم فراحوا يوزعون التهم يمنة ويسرة، ظنا منهم أننا ما زلنا نعيش في زمن الوصاية حين كان أزلامهم يقدمون الطاعة لهم غب الطلب”. واعتبر ريفي أن رفض الطلب “حافظ على رمزية قضية إخفاء الصدر ورفيقيه، وقدسيتها ووطنيتها، ما سبب خوفاً لدى بعض الحالمين بإبقاء هذه القضية ضمن دائرة المذهبية الضيقة”. ووضع كلام الخليل “في عهدة نقيب المحامين في بيروت وأعضاء مجلس النقابة لجهة ما تضمنه من اتهام مباشر لوزير العدل بالتورط في عملية الخطف، في سابقة خطيرة”. فيما أكدت الخليل أنها لم تتلق حتى مساء أمس اتصالاً من نقابة المحامين حول ما وضعه ريفي في عهدتها.