ترتسم الصورة الإنتخابية في أقضية الشمال المسيحي أكثر كلّما اقترب موعدُ التوجُّه إلى صناديق الإقتراع، في حين أنّ التحالفات لن تُحسمَ نهائياً قبل مطلع الشهر المقبل.
يُراقب الناخبون في هذه الدائرة التي تضمّ أقضية البترون، الكورة، بشري، وزغرتا، والبالغ عددهم نحو 250 ألف ناخب، الحراك الإنتخابي، ومع أنَّ بورصة التحالفات لم تستقرّ بعد، إلّا أنّ ثمّة مسائل باتت من المسلّمات.
فإبرام تحالف بين تيار «المردة» و»التيار الوطني الحر» بات شبهَ مستحيل، فلا الكيمياء بين رئيسَي التيارَين الوزير جبران باسيل والنائب سليمان فرنجية تساعد على ذلك، ولا تعويل البعض على تدخُّل «حزب الله» لجمع حليفيه سيؤدّي الى النتائج المرجوَّة.
ومن المسلّمات التي باتت شبه محسومة أيضاً، هي تحالف تيار «المستقبل» مع «التيار الوطني الحرّ» في هذه الدائرة، خصوصاً أنّ كوادر «المستقبل» أُبلغت بأنّ الاتّجاهَ بات واضحاً وهو تحالف التيارَين.
ووسط هذه الأجواء، تتّجه «القوات اللبنانية» الى تأليف لائحة خاصّة بها في دائرة تُعتبر مركزَ ثقلها الإنتخابي والشعبي، لكنّ اللافت هو الحديث عن إمكانيّة إبرام حلف ثلاثي بين «القوّات» و»التيار الوطني الحرّ» وتيار «المستقبل» بعد تقاربهما في المرحلة الأخيرة، وارتفاع حظوظ تحالفهما في دوائر عدّة.
ويؤكّد المطّلعون على الأجواء الانتخابية، أنّ تحالفاً ثلاثيّاً كهذا في هذه الدائرة ما زال مستبعداً، ليس لوجود بُعد بين الأطراف الثلاثة وجفاء في العلاقة، بل لأنّ التحالفات ستكون على «القطعة»، وهذا يعني أنّ لكل دائرة حساباتِها الخاصة بها، وليست مرتبطة بما يحصل في دوائر أخرى.
وذهَب بعض المتفائلين الى حدّ القول إنّ إعلان هذا التحالف سهل لأنّ الأرضيّة الشمالية مفروزة بين القوى، وستضمّ لائحة تحالف «القوات»- «التيار»- «المستقبل»، إذا تألّفت باسيل ومرشّح «القوات» فادي سعد في قضاء البترون، نائب «القوات» فادي كرم ومرشّح «التيار الوطني الحر» جورج عطالله ومرشّح «المستقبل» إذا كان قرار نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري نهائياً بعدم الترشّح، في الكورة، مرشّحَي «القوات» النائب ستريدا جعجع وجوزف اسحاق في بشرّي، رئيس حركة «الاستقلال» ميشال معوض ومرشّح «التيار الوطني الحرّ» الوزير بيار رفول ومرشّحاً ثالثاً إما تختاره «القوات» أو يُسمّى بالاتّفاق بين «القوات» ومعوض والعائلات، في زغرتا.
وما يُساعد على تركيب مثل هذه اللائحة، أنّ القوى الأساسية في الدائرة تعرف حجمَها جيداً، فتيار «المستقبل» لن يطالبَ بأكثر من مرشّح في الكورة، و»التيار الوطني الحرّ» يعرف أنّ مركز قوّته هو في البترون، بينما «القوات» حاضرة في كل الأقضية وقادرة على إعطاء أصوات تفضيلية لمرشّحيها، وهذا أمرٌ متّفَق عليه بين القوى الأساسية الثلاث.
وعلى رغم أنّ الأرقام تُظهر تفوّقَ هذه اللائحة، في حال أُعلنت، إلّا أنّ الموضوع يحتاج الى مزيد من الحوار بين الأفرقاء الثلاثة، ومرتبط بتطوّر العلاقة بينهم، وما إذا كانت هناك نوايا جدّية للتحالف، أو إنّ كل فريق سيحاول حَصد أكبر عدد ممكن من المقاعد.
وفي انتظار معرفة المصير النهائي لهذا التحالف، سلباً كان أو إيجاباً، يضع كل فريق منهم تصوّرَه للمعركة المقبلة ويكمل استعداداتِه لخوضها منفرداً. وعلى سبيل المثال، سيكون لـ»القوات» مرشّحون حزبيّون في الأقضية الأربعة في حال لم ينجح التحالف مع معوض، وستضمّ لائحتها كلّاً من جعجع وإسحاق في بشري، كرم في الكورة، سعد في البترون ومرشح زغرتاوي لم تُحسم هويّتُه بعد، في حين لا تستبعد الماكينة القواتية إكمالَ اللائحة بمرشّحين يساهمون في رفع الحاصل الإنتخابي.
من جهته، لا يُمانع تحالفُ «التيار الوطني الحرّ» و»المستقبل» من إنضمام معوض الى لائحتهما، وعندها ستضمّ اللائحة معوض ورفول في زغرتا، عطالله ومرشّحاً لـ»المستقبل» في الكورة، باسيل في البترون، سعيد طوق في بشري.
في المقابل، أعلن النائب سليمان فرنجية نواة لائحته التي ستضمّ 3 مرشّحين في زغرتا هم نجله طوني، والنائبَين سليم كرم وإسطفان الدويهي، الوزير السابق فايز غصن ومرشّح الحزب «السوري القومي الاجتماعي» في الكورة (في حال إختار القومي البقاء في التحالف)، والنائب بطرس حرب في البترون، ووليم طوق في بشري.
من جهة أخرى، لم يُسجَّل أيُّ تقدّم في إمكانية تحالف «القوات اللبنانية» والكتائب، وعندها سيتّجه الكتائب الى تأليف لائحة رابعة في هذه الدائرة يكون النائب سامر سعادة رافعتها في البترون، وقد تتحالف مع بعض شخصيات المجتمع المدني. في وقت من غير المستبعد أن يزيد عددُ اللوائح عن الأربع مع توجّه عدد من الشخصيات لإعلان ترشّحه، خارج نادي مرشّحي الأحزاب الكبرى.
ومع أنّ الإقبالَ على الترشّح في وزارة الداخلية ما زال خجولاً، لكنّ الأيام المقبلة قد تحمل مزيداً من الترشيحات، في انتظار بلورة التحالفات الأساسية ومعرفة كيف ستكون هندسة المعركة وتوزيع الصوت التفضيلي.