في قراءة بين السطور للبيان الأميركي الفرنسي السعودي في شأن لبنان، يتبيَّن للمراقبين أن هناك
«قطبة مخفية» في البيان لجهة الأولويات التي جاءت على الشكل التالي:
أولًا: ضرورة إجراء الانتخابات (الرئاسية) في موعدها بما يتماشى مع الدستور، وذلك بينما يستعد مجلس النواب اللبناني لانتخاب رئيس جديد.
ثانيًا: أن يحرص الرئيس المنتخب على توحيد الشعب اللبناني، وأن يعمل مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة للتغلب على الأزمة الحالية.
ثالثًا: الدعوة إلى تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية المطلوبة بشكل عاجل لمواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية في لبنان، وتحديداً تلك الإصلاحات اللازمة للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
في هذه الأولويات، يأتي «التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي» في المرتبة الأخيرة، بمعنى يجب أن يسبقه انتخاب الرئيس ثم تشكيل الحكومة ثم الإصلاحات «للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي».
هذا يعني أن كل الحراك الذي يجري حالياً في خصوص الاتفاق مع الصندوق، ليس سوى محاولة لملء الوقت الضائع، ويعني ان ليست هذه الحكومة، حكومة تصريف الأعمال، هي التي ستوقِّع الاتفاق، لأن هناك أولويات وشروطًا لم يتحقق منها شيء حتى الآن.
هذا يعني أيضاً أن هناك في السلطة التنفيذية الراهنة مَن يُفترض فيه أن يكاشف الرأي العام اللبناني بالحقيقة التي تقول: لا شيء قبل انتخاب رئيس وتشكيل حكومة، أنسوا أولوية الأتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهذا قرار أميركي فرنسي سعودي، بإمكانكم أن تواصلوا بيع الأوهام لكن حروف البيان المشترك لم تُكتَب بحبرٍ يُمحى.
وما لم يقله البيان صراحة، غرَّد به السفير السعودي، وليد البخاري، وهو أن «رسالة البيان هي: اتفاق الطائف المؤتمنُ على الوِحدةِ الوطنيّةِ وعلى السِّلمِ الأهلي في لبنان».
ماذا يعني هذا «التنويه» من السفير البخاري، يعني أن اتفاق الطائف هو الأساس وليس أي شيء آخر ولا سيما «المؤتمر التأسيسي» الذي لا يعني عملياً سوى نسف الطائف للانتقال من المناصفة إلى المثالثة.
وضعت واشنطن وباريس والسعودية أوراقها على الطاولة، فبماذا سيجيب المحور الآخر: إيران؟
هذا هو السؤال الكبير الذي يحتاج إلى الجواب المُلزِم، وما عدا ذلك إمعان في ملء الوقت الضائع.