IMLebanon

«العدوان الثلاثي» انتهى او لم ينتهِ بعد؟!  

 

ذكّر العدوان الثلاثي (الاميركي – البريطاني – الفرنسي) على سوريا فجر أول من أمس السبت، بالعدوان الثلاثي (الاميركي – البريطاني – الاسرائيلي) على مصر في العام 1965، مع فارق ان «إسرائيل»، هذه المرة، سبقت الثلاثي الأول بغارات استهدفت مواقع عسكرية سورية، استوجبت رداً من الحكومة اللبنانية في جلسة مجلس الوزراء (الخميس الماضي)، باجماع الحاضرين، على ادانة استباحة إسرائيل الاجواء اللبنانية لاستهداف دولة عربية.. وقد شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مستهل الجلسة على اننا «لا نقبل ان تستبيح إسرائيل أجواءنا، وندين هذا الاعتداء بشدة ونستنكره، وسيرفع لبنان شكوى الى مجلس الامن الدولي في شأنه..» مضيفاً ان «اي اعتداء إسرائيلي ضد أي دولة عربية، هو موضع ادانة ورفض من قبل لبنان بشكل مطلق..»

 

قد يكون «العدوان الثلاثي» الاخير (ومن قبيل الصدفة) شكل احراجاً قاسياً للقمة العربية التاسعة والعشرين، التي افتتحها بعد ظهر أمس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي» في الظهران، جنوب الدمام.. بحضور غالبية القادة العرب..

لقد خيمت الضربة الاميركية – البريطانية – الفرنسية لاهداف عسكرية – علمية سورية على أجواء القمة.. وعلى ما كان متوقعاً فقد تحدث العديد من القادة العرب عن ذلك خلال كلماتهم في الجلسة الافتتاحية كما والمغلقة.. خصوصاً وأن بعض الدول العربية هذه كانت طلبت مناقشة العدوان الثلاثي هذا ووضعه على جدول الأعمال واتخاذ موقف بشأنه.. لكن، وعلى ما يظهر في تصريح الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، الذي أبدى اسفه ازاء استمرار تفاقم الازمة السورية، أوضح ان «الامر أصبح يستلزم التوصل الى حل سياسي مستدام للأزمة السورية من خلال عمل جاد يكون للعرب مساهمة رئيسية فيه..».

وعلى ما كان متوقعاً، وخلافاً لم كان يعتقد البعض، فإن الوفد اللبناني الى القمة، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والى جانبه رئيس الحكومة سعد الحريري وعدد من الوزراء والمسؤولين لم يجد حرجاً في اعلان موقفه مما جرى، على رغم تمسك الحكومة اللبنانية بسياسة «النأي بالنفس» حيث أعرب الرئيس عون لدى وصوله الى السعودية عن سعادته للمشاركة في القمة وعن أمله في ان «تشهد نقلة نوعية على صعيد العلاقات العربية – العربية من جهة، ومعالجة الملفات الشائكة والدقيقة التي تلقي بثقلها على دولنا وشعوبنا..» معولاً على حكمة ووعي المسؤولين العرب لتخطي العوائق والوصول الى شاطىء الأمان على رغم الامواج العاتية التي تعترض هذه المسيرة..».

تتقاطع مواقف الرئيس عون مع مواقف عديدين من القيادات السياسية والحزبية اللبنانية، وهو يعتبر ان «ما حصل في سوريا (فجر أول من أمس) لا يساهم في ايجاد حل سياسي للأزمة السورية التي دخلت عامها الثامن، بل يعيق كل المحاولات الجارية لانهاء معاناة الشعب السوري، إضافة الى أنه قد يضع المنطقة في وضع مأزوم تصعب معه امكانية الحوار الذي بات حاجة ضرورية لوقف التدهور واعادة الاستقرار والحد من التدخلات الخارجية التي زادت الازمة تعقيداً.. مع ما يترك ذلك من تداعيات..».

يتفق غالبية الافرقاء السياسيين في لبنان، على ان «لا قيمة للضربات العسكرية على سوريا، طالما أنها لا ترفق بالحل السياسي..» والواضح، أنه، ومن خلال ما سبق ورافق «العدوان الثلاثي» الاخير على سوريا من سيناريوات، فإن هناك اتفاقات دولية خصوصاً مع روسيا لتمرير ما حصل، على قاعدة «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم..» حت لا خرج الرئيس الاميركي دونالد ترامب، والى جانبه بريطانيا وفرنسا من «المولد بلا حمص» وقد خرج الجميع بعد الضربة التي لم تتجاوز الساعة من الزمن راضين عما حصل، وقد كانت بلا مفاجآت وبلا ضحايا وبلا دعوات لتغيير نظام الحكم في سوريا. خلافاً لما كان أعلن ترامب في أوقات سابقة لجهة ان الضربات على سوريا ستستمر الى حين يتوقف النظام السوري عن استخدام المواد الكيماوية المحظورة..» وكذلك بالنسبة الى فرنسا التي أكدت على لسان وزيرة الدفاع فلورانس بارلي «ان الضربات (…) حدت من قدرة الحكومة السورية على تخزين السلاح الكيميائي..»؟!

يغرق الافرقاء اللبنانيون كافة في بحر الاستحقاق الانتخابي المقبل، على خلفية أنه مرحلة فاصلة بين الحياة والموت السياسيين.. وردود الفعل التي صدرت، بقيت تحت سقف المتوقع ولم تخرقه، وان كانت لافتة بعض المواقف التي اعتبرت ان «العدوان الثلاثي» خرق فاضح لسيادة دولة عضو في الامم المتحدة وتجاوزاً لصلاحيات مجلس الامن.. وان جاءت انقاذاً لماء الوجه الاميركي..

قد يكون من الصعب، وسابق لأوانه الحديث عن التداعيات والنتائج لما حصل، إلا أنه من المؤكد ان لبنان استطاع ان ينأى بنفسه عن ذلك ميدانيا خصوصاً وان «العدوان الثلاثي» لم يستهدف أي موقع لـ»الحرس الجمهوري» الايراني و»حزب الله» في سوريا.. ومن المؤكد ان ذلك سيكون مدار نقاشات واسعة لتقييم ما جرى، وما يمكن ان يجري، خصوصاً وأن لا مؤشرات دالة على ان «كل شيء انتهى».