IMLebanon

محاكمة الثلاثي العوني: غداً يوم آخر

هو مشهد لم يعهده العونيون في تاريخهم. هم نشأوا على فكرة ابتكار وسائل المشاغبة بوجه سلطة الوصاية وأزلامها كما كانوا يسمونهم، حتى أنّ أحدهم، كما يقولون، أوقف بتهمة «اقتحام» الشاحنة العسكرية التي كانت تقلّ رفاقه الى ثكنة الجيش مكان توقيفهم. فكانت تهمة «الاعتقال» وساماً يتباهون بتعليقه على صدورهم.

ها هم يواجهون، اليوم، لوائح اتهامية، ولكن «من بيت أبيهم»، ولذلك، قرروا التمرد على محكمتهم، بدل الانحناء أمام قوس عدالتها، لأنهم يرفضون تكريس ما يوجه اليهم من اتهامات.. ويصرون على محاكمة سياسية علنية.

هكذا، لن يقف الثلاثي العوني المشاغب نعيم عون، طوني نصر الله، وزياد عبس، أمام المحكمة الحزبية التي استدعتهم للمثول أمامها، اليوم، بتهمة تناول شؤون الحزب في وسائل الإعلام كما تمّ إبلاغهم هاتفيا. سيكتفي الثلاثة بتسطير مذكرة خطية تختصر وجهة نظرهم من هذه المحاكمة «غير العادلة»، بانتظار الرد الرسمي الذي لن يأتي على الأرجح، بل قد يأتي زمن «الاجراءات والتدابير».

عملياً، لن يكونوا ثلاثة فقط، وإنما أربعة حزبيين مع انضمام بول أبي حيدر الى قافلة من استدعتهم المحكمة وبالتهمة ذاتها أي «نشر» أخبار الحزب على جدران الإعلام، وسيلتزم أبي حيدر الموقف ذاته الذي اختاره الثلاثي لنفسه.

بالتفصيل، يتبيّن أن المذكرة المرفوعة من جانب هؤلاء تتضمن دعوة صريحة لتكون المحاكمة علنية أي مفتوحة أمام جميع الحزبيين المهتمين، لكي يشهدوا على مجرياتها، خصوصاً أنّ هؤلاء مقتنعون بأن ممارسات المحكمة الحزبية، كما تبيّن لهم ممن سبقهم بالوقوف أمامها، خارج اطار العدالة والقواعد الأساسية للقانون.

كما يأتي اعتراض هؤلاء على الهيئة القضائية من كونها ترفض البحث في ظروف «التهم» الموجهة الى الحزبيين الأربعة. بمعنى أنها غير مستعدة لفتح الباب أمام مناقشة الحيثيات والدوافع التي أدت الى وقوع «الجريمة»، حتى يبنى على الشيء مقتضاه.

لهذا، يطالب هؤلاء، كما جاء في المذكرة بتحديد أصول المحاكمات أمام هذه الهيئة نظراً للالتباس القائم بنظرهم حول دورها، خصوصاً بعد تجربة زياد عبس أمامها حيث صدر قرار تجميد عضويته بينما كان هو لا يزال يعد مطالعته الدفاعية. كما يطالبون بتوضيح التهم الموجهة اليهم بسبب اللغط الذي ساد حول نوعية «الإدانة»، حيث تمّ إبلاغهم بأنّ التهمة هي نشر أخبار «التيار» عبر وسائل الإعلام، فيما تناهت الى مسامعهم أخبار عن «تهم» اضافية لم يطلعوا عليها.

يكتفي مسؤول الإعلام السياسي في «التيار الوطني الحر» الزميل حبيب يونس بالإشارة الى أنّ المحكمة الحزبية هيئة مستقلة ولا يجوز تحميل القيادة مسؤولية الأحكام الصادرة عنها، مع أنّ رئيس الحزب جبران باسيل تعاطى بإيجابية مع هذا الملف من خلال الدفع باتجاه الأحكام التخفيفية خلال هذه المرحلة الانتقالية من التيار الى المؤسسة الحزبية.

ويؤكد أنّ الالتزام الحزبي يحتّم الالتزام بآليات المحاسبة بحيث لا يجوز التعاطي باستنسابية مع هذه المسألة حين تدق باب أحد المحازبين، فإما الموافقة على كل المسار واما رفضه بالمطلق. وبالتالي، فإن المحكمة هي المسؤولة عن مصير الادعاءات الموضوعة أمامها، وعلى المدعى عليهم معالجتها وفق الطرق القانونية التي تنص عليها المحكمة الحزبية.

الأمور تتجه نحو مزيد من التأزيم، خصوصاً أن السيناريو البديهي المتوقع بعد محطة اليوم، هو فصل هؤلاء الحزبيين اذا ما أصروا على موقفهم الرافض للامتثال أمام المحكمة.