IMLebanon

ثلاثية الارهاب: ايديولوجيا،  زراعة، وصناعة

 الخلاف على تصنيف المنظمات الارهابية هو، مثل تبادل الاتهامات حول دعم داعش، جزء من سياسات المصالح وصدام المشاريع. ليس واضحاً إن كان اجتماع نيويورك اليوم لمجموعة دعم سوريا، بعد المحادثات الأميركية – الروسية في موسكو، سينتهي الى وضع لائحة كاملة بالمنظمات الارهابية المطلوب ضربها الى جانب داعش وجبهة النصرة. لكن ما ينقص الحرب على الارهاب ليس فقط الاتفاق على لائحة المنظمات الارهابية بل أيضاً القراءة الواحدة في كتاب العوامل التي تقود الى الارهاب. وليس فقط القوات البرية المطلوب أن تعمل تحت غطاء القصف الجوي الأميركي والروسي والفرنسي والبريطاني بل أيضاً العملية السياسية التي تضع المجتمع كله في مواجهة الارهاب.

ذلك أن الأولوية القصوى في المنطقة والعالم صارت للحرب على الارهاب، بحيث جرى تشكيل ثلاثة تحالفات تحت هذا العنوان: تحالف دولي بقيادة أميركا، تحالف ثلاثي بقيادة روسيا، وتحالف اسلامي بقيادة السعودية. لكن التركيز هو على مواجهة النتائج أكثر منه على معالجة الأسباب. فالارهاب، من القاعدة بزعامة اسامة بن لادن الى دولة الخلافة التي أعلنها ابو بكر البغدادي مروراً بعشرات التنظيمات، ليس مجرد عنف من دون أهداف سياسية وحتى استراتيجية في صراعات جيوسياسية.

وأبرز العوامل التي تقود الى الارهاب ثلاثة: أولها ايديولوجيا مبنية على تأويل متشدد للفقه الديني المرتبط بظروف تاريخية تبدلت. وثانيها الأرض الخصبة ل زراعة الارهاب. وثالثها صناعة الارهاب على أيدي قوى أكبر من الارهابيين من أجل أهداف مختلفة تماماً عن أهداف الارهابيين.

ومن الوهم النجاح في محاربة الارهاب من دون معالجة هذه العوامل، ولو قرر الرئيس باراك اوباما او الرئيس فلاديمير بوتين أو هما معاً ارسال قوات برية للقضاء على داعش في سوريا والعراق وليبيا. فالغزو السوفياتي لأفغانستان أعطى الايديولوجيا الأرض الخصبة ل زراعة الارهاب ودفع خصوم موسكو الى صناعة الارهاب، بحيث ولدت وكبرت القاعدة بين عشرات التنظيمات الافغانية الارهابية. والغزو الأميركي لأفغانستان والعراق ساهم في جمع العوامل الثلاثة، بحيث إن ما بدأ بدعم من خصوم أميركا فرع القاعدة بزعامة الزرقاوي صار دولة العراق الاسلامية بقيادة ابي عمر البغدادي، ثم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا بقيادة ابي بكر البغدادي. وفي الحالين كان الغضب على الغزو الخارجي الصليبي ل بلاد المسلمين يرافقه الغضب على الانظمة الشمولية التي قمعت الحريات وألغت السياسة وفشلت في التنمية الاقتصادية.

ولا شيء يضمن ألا يؤدي القضاء على داعش الى ولادة داعش أخطر، إن لم تتضمن استراتيجية الحرب تغيير المناخ الفكري والسياسي في المنطقة. –