Site icon IMLebanon

لماذا خصّ نصر الله طرابلس بخطابه؟

 

خصّ الأمين العام لـ»حزب الله» مدينة طرابلس عندما تناول في كلمته في «ذكرى القادة الشهداء» ملف الأبنية المتصدِّعة فيها. فأعلن أنّ أوّل ما خطر في باله عند وقوع الزلزال كان الاتصال بمسؤولين في «الحزب» لتفقّد الأوضاع والتأكد هل تسبب بانهيارات في البنايات المتصدّعة. وذلك بغية معرفة هل يستطيع «الحزب» المساعدة. وهو وضع هذا الملف في دائرة الاهتمام من خلال دعوة «الدولة اللبنانية والحكومة، وإن كانت حكومة تصريف أعمال، الى وضع خطة لمواجهة كارثة من هذا النوع وخطة للتقليل من الخسائر البشرية».

 

تحتلّ طرابلس موقعاً هاماً في السياسة اللبنانية، فهي المدينة السنية الكبرى الأخيرة الصامدة على ساحل المتوسط في وجه الهيمنة الإيرانية، وهي تشكِّل هدفاً دائماً لمحور الممانعة منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى اليوم، وقد فشلت جميع جهود اختراقها في السياسة والاجتماع، ولا يستطيع حلفاء الحزب في المدينة (النائبان فيصل كرامي وطه ناجي) رفع راياته، بل يحرصان على مجاراة المزاج الطرابلسي العام، ولعلّ ذلك أحد أسباب زجّ «الحزب» بجمعياته بشكل مباشر لتحقيق الاختراق من دون جدوى.

 

في التدقيق بكلام نصر الله نجد أنّه يحمل مزايدةً على النواب أشرف ريفي وإيهاب مطر والياس الخوري الذين بادروا فور وقوع الهزات الارتدادية إلى إنشاء صندوق خاص بتدعيم الأبنية المتصدِّعة، ووضعوا خطة أولويات وباشروا في تلقي التبرعات وحبك التعاون مع بلدية طرابلس ونقابة المهندسين، في خطوة شكّلت نموذجاً إيجابياً في الاستجابة السريعة لهذا التحدي، ومن شأن نجاحها أن تشكّل نموذجاً متقدِّماً للاتجاه السيادي في مواجهة التحديات الصعبة.

 

لذلك تشهد طرابلس حملات تحريض واسعة عن طريق استحضار ملفات معيشية وإنسانية لإثارة النقمة في وجه النواب المعارضين لـ»حزب الله» وتحميلهم مسؤوليات الانهيار، تمهيداً لزيادة منسوب الفوضى.

 

يخشى البعض أن يزجّ «حزب الله» بمجموعات تابعة له إلى الشارع بذريعة الاحتجاج على التردّي المعيشي، ليقوم أفرادُها بتوجيه النداءات لنصرالله باعتباره «الوحيد» الذي يشعر بمعاناة أهل طرابلس ويهتم بالمطالبة بحقوقهم، ويناشدونه التدخّل ما يتيح «للحزب» اعتبار كلّ المحتجين تحت مظلّته الأمنية والسياسية لتأمين البيئة الحاضنة له في طرابلس، فأعدادُ مجموعات «الحزب» غير كافية للسيطرة على المدينة، وتحتاج جواً غاضباً يمكن استثماره ميدانياً لأهداف سياسية.

 

وفي ترجمة إستباقية لحديث نصرالله عن الفوضى تبيّن أنّ المجموعات التي انتشرت في عدد من شوارع طرابلس يومي الأربعاء والخميس 15 و16 شباط 2023 هي من «سرايا المقاومة». وقد قام عناصرها باستعراض قوة وتنفيذ انتشار في مختلف مناطق طرابلس بما يشبه مناورة ميدانية، كذلك جرى قطع عدد من الطرقات الداخلية ومنع تصوير تحركاتهم. ولا يستبعد العارفون بأبعاد سياسات «الحزب» من أن تحمل التحركات المقبلة شعار المرحلة: سليمان فرنجية أو الفوضى.

 

طرابلس مجدّداً في عين العاصفة، وكما صمدت في وجه أعاصير الفتنة والإرهاب، ستصمد أيضاً في وجه زوبعة في فنجان الإفلاس الشامل الذي يوجب على «حزب الله» أن يُنقذ أهل بيئته أولاً من كارثة الانهيار.