مدانون الطرابلسيون وغيرهم من الزعران الذين أزعجوا أركان المنظومة المشغولين بكسر رؤوس بعضهم البعض ليحصِّل كل منهم حصة أكبر من حصة الآخر، مدانون ومندسون ومجرمون هم.. وأكثر من ذلك، لغضبهم وشغبهم جسمٌ لبيس. والمطلوب وضع فقراء الطرابلسيين في وجه فقراء الأجهزة الأمنية من قوى أمن وجيش وسواها. حينها يصار إلى استبدال حلاوة الجبن الشهية بحلاوة الروح الطرابلسية.
اذا أراد ساكن بعبدا وفريق المستشارين المبدع حوله أن يفسروا ما يحصل، يطلع معهم أن هذا التحرك المشبوه هو مؤامرة ضدهم. لذا كان إقتراح دعوة المجلس الأعلى للإنعقاد وتقييم الأوضاع في البلاد على خلفية مطالب المحتجين، ليس بمقومات الحياة فحسب، وإنما بتشكيل حكومة، وهنا عقر دار التخريب. إذ ما علاقة هؤلاء الغوغائيين بتشكيل حكومة، يكفيهم أن يطالبوا بلقمة الخبز ليُسْكِتوا جوعهم ويَسْكُتوا. أما التعدي على صلاحيات الرئاسة الأولى، فهذا حدث جلل ويستوجب دعوة المجلس الأعلى للدفاع الى الانعقاد، لا سيما بعدما أصبح بديلاً عن الحكومة.
وإذا أراد الرئيس المكلف أن يحرِّض “السُّنة” ليضغط على صلابة العهد القوي، فليذهب بعيداً ويلعب غيرها.
وإذا تابعنا بيانات قوى الأمن الداخلي، نجد أن الحق على الآخرين وقنابلهم اليدوية ومولوتوفهم، وليس على الرصاص الحي.
وإذا رصدنا صمت من يعمل على تشويه صورة طرابلس وتصويرها سنية وقندهارية وداعشية، لنا أن نتوقع عملية إرهابية تؤكد ما يفترض أنه حقيقة تبرر السلاح المحمي بالوصاية الإيرانية وأهمية وجوده لحماية الأقليات.
وإذا وإذا وإذا…
ففي النهاية، الحق على غير هذه السلطة بمنظومتها الراكبة على تناقضات هدامة، لا يمكن أن تؤدي الا الى ما يحصل في طرابلس، وما يمكن أن يحصل في غيرها من المناطق شرط أن تكون من لون واحد بعينه.
وبذلك يحتدم الخلاف بين فريقين يتصارعان ويرسمان خطين متوازيين لا يلتقيان إلا إذا تدخل حزب الوصاية، الذي لا يجد حتى تاريخه سبباً للحسم من خلال تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر.
ويغرق اللبنانيون في البكاء على مبنى البلدية الأثري. ويتجاوزون جريمة تفجير المرفأ التي أطاحت بغالبية مباني بيروت الأثرية والتراثية، ونسفت أهم ركائز الاقتصاد اللبناني، و”برافو” للمندسين الذين يفسدون أي تحرك يمكن أن يكبر ويهدد رأس المنظومة.
فالمهم أن يتأزم الوضع اللبناني أكثر فأكثر، لتسمن ورقته وتليق بوضع فتائلها المتفجرة على طاولة البحث عندما يحين أوانها.
بالتالي تتوسع مروحة المستفيدين من غوغائية التحركات الشعبية المقترنة بالتفجيرات الأمنية لأغراضهم وعلى قياسهم. فالخطة تقتضي بإدانة المعترضين من الشعب اللبناني. فـ”تحريك الشارع المعروف الانتماء والتمويل” مكشوف. ومطالبة هؤلاء العملاء المأجورين بالعلم والاستشفاء والعمل مؤامرة موصوفة وترف لا يصب في وظيفة استخدام وجعهم وجوعهم عندما تتطلب الاستراتيجيات ذلك.
وهذه الوظيفة تقتضي أن يبقوا جائعين وعاطلين عن العمل ومتروكين من منظومة حكم تركت في الأساس كل الشعب وكل المناطق. وتركت لكل فريق فيها أن يستند إلى قواه الخاصة ليوطد أسس استمراريته على حساب الدولة والدستور والقانون.
ففي شريعة وحشية منظومة أهل السلطة البقاء للأقوى… وليس لمن ينتفض من حلاوة الروح.