يجب تطبيق الدستور بحرفيته والمخرج الوحيد تشكيل حكومة
في ظل استمرار المراوحة السياسية وغياب اي مسعى جدي لتشكيل حكومة مهمة تنشل البلد من ازماته المتعددة والتي باتت تحتاج لمعجزة الهية،جاء اتصال الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون برئيس الجمهورية ميشال عون حيث جدد دعوته بضرورة تسهيل ولادة حكومة من روح المبادرة الفرنسية وازالة العراقيل للاسراع بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة. في هذا الوقت كانت بعض المناطق تشهد اعتصامات وتحركات شعبية مطلبية تزامنا مع استمرار الاغلاق التام للحد من تفشي وباء كورونا، وهذه التحركات اللافتة كانت ساحتها الاساسية عاصمة الشمال طرابلس التي شهدت مواجهات عنيفة واعمال شغب وتخريب منظم استهدف المقرات الرسمية الرئيسية من السراي الى المحكمة الشرعية وانتهاءً بمبنى بلدية طرابلس حيث عبث فيها المندسين خرابا كبيرا، مما ترك علامات استفهام حول السبب الرئيسي من وراء استهداف هذه المدينة المحرومة من ادنى مقومات الحياة والتي اصبحت تعتبر من افقر المدن على ساحل البحر المتوسط، والواضح ان هناك من استغل وجع اهالي طرابلس للوصول الى اهداف ابعد من حاجة مطلبية.
وفي هذا الاطار سألت «اللواء» الوزير السابق وعضو كتلة المستقبل النيابية النائب عن طرابلس سمير الجسر حول ما اذا كان هناك دلالات بين ما حصل من شغب في المدينة وبين تشكيل الحكومة فاعتبر ان لا علاقة مباشرة بين ما حصل بينهما، ولكنه اشار الى ان هناك من لديه مصلحة للاستفادة من توظيف ما جرى لصالح خضات امنية من خلال وجود طابور خامس، مؤكدا ان هناك مطالب محقة لدى اهالي طرابلس لا يمكن السكوت عنها وعن الوجع الحقيقي الذي يعانون منه، مشددا على ان ابناء المدينة ليس من اخلاقهم القيام باعمال تخربية بما في ذلك الناس المحتاجة، مشيرا الى ان ما حصل من تخريب خرج عن كونه مطالب، وهو ليس عفويا بل امرا مخططا له وتم تنفيذه بإحتراف.
أهداف المعتدين لم تنل الغاية المطلوبة
وتساءل الجسر حول الاسباب الكامنة من وراء الهجوم المتتالي على سراي المدينة ورميها بالقذائف واستهداف القوى الامنية المتمركزة بداخلها، مما يشير حسب الجسر الى ان الاعتداء كان بمثابة محاولة لاغتيال العسكريين المتواجدين هناك، والسؤال هو كيف وصل هؤلاء المندسين الى داخل السراي وهو يعني انهم كانوا بصدد استدراج الاجهزة الامنية الى ردود فعل، كما هو الامر بالنسبة الى هدف احراق المحكمة الشرعية ومبنى البلدية والاعتداء على الاملاك العامة، وكل هذه المعطيات تؤكد بأن الامر مخطط له بما في ذلك التتابع الزمني للتخريب وعدم عفوية الاعتداءات التي انتهت باضرار مادية، ويعتبر الجسر ان الاهداف المرسومة للمشاغبين والتي تم التخطيط لها لم تنل الغاية المطلوبة، آملاً ان تتوقف هذه المحاولات خصوصا انها ليست المرة الاولى التي تستهدف فيها مدينة العيش المشترك والعلم والعلماء طرابلس، ويلفت الى ان المؤشرات تدل الى سعي البعض ربما ليكون ما حصل في عاصمة الشمال مقدمة لكي تتنقل هذه الاحداث الى عدد من المناطق الاخرى، وهذا الامر سيشكل خطرا حقيقيا على كامل الاراضي اللبنانية لان المجموعات التي قامت باعمال الشغب والتخريب كانت تتصرف بحرفية كبيرة وكأنها تتبع لجهاز وليس لافراد.
وتمنى النائب الطرابلسي ان تصل التحقيقات الى نتيجة لانه يجب تبيان حقيقة ما حصل وكشف المتورطين في هذه الاحداث، خصوصا ان الاجهزة الامنية معنية بها حيث تم الاعتداء بشكل مباشر على الجيش وعلى قوى الامن الداخلي، مما يعني ان هدف المعتدين هو كسر هيبة هذه الاجهزة.
وعن دور نواب طرابلس يقول الجسر: دور النائب يقتصر عادة على امرين محددين وهما التشريع ومراقبة اعمال السلطة التنفيذية ومحاسبتها، اما في مثل هكذا احداث فدور النواب هو العمل على معالجة الاوضاع الامنية وهذا ما حصل حيث تحركنا كنواب طرابلس من اجل العمل لوقف هذه الاعتداءات، وانا شخصيا قمت بزيارة كل من قائد الجيش العماد جوزيف عون والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان،كما اجريت اتصال بوزير الداخلية محمد فهمي من اجل اتخاذ كل التدابير لاعادة الامور الى نصابها.
ما حصل أبعد من رسالة ضغط على الحريري
وحول ما اذا كانت الاعمال التخربية التي حصلت في طرابلس تشكل رسالة ضغط على الرئيس المكلف من اجل تنازله عن ثوابته في تشكيل الحكومة يقول الجسر: الواضح ان ما حصل هو ابعد من رسالة وقد يكون هناك من يحاول الاستفادة من هذه الاحداث ولكن المشكلة الاساسية التي يعاني منها البلد هي ان هناك فئة ترفض تطبيق الدستور وتريد تفسيره وفقا لمصالحها الخاصة.
ويذكّر الجسر بالخطاب الشهير لرئيس الجمهورية ليلة الاستشارات النيابية والذي توجه به الى النواب والذي ألمحَ فيه لعدم تسمية سعد الحريري لتكليفه تشكيل الحكومة، ولكن رغم كل الترهيب الذي مورس فقد تم تسمية الحريري، ويسأل الجسر عن سبب تأخر رئيس الجمهورية الدعوة لاجراء الاستشارات النيابية الالزامية قرابة الشهر، مشيرا الى ان الرئيس الحريري وعلى اثر تكليفه اجرى استشارات نيابية، وانجز مشروع حكومة مهمة من وحي المبادرة الفرنسية، لا سيما ان المنطق الدستوري يقول بضرورة ان لا تكون الحكومة ائتلافية وبأن يتمثل بها الجميع، وهذا امر طبيعي في اي نظام ديموقراطي برلماني حيث ان هناك اكثرية تحكم وهناك اقلية تعارض، ويعتبر النائب الجسر ان المخرج الدستوري الوحيد هو تشكيل حكومة والسير بها باتجاه المجلس النيابي الذي هو المخول اعطائها الثقة او حجبها عنها.
الثلث المعطل مخالف للدستور
وحول موقف الرئيس نبيه بري من موضوع تشكيل الحكومة والخلاف بين عون والحريري يؤكد الجسر ان المخرج هو اتباع الدستور، والتخلي عن الثلث المعطل الذي هو بدعة، لانه ليس هناك من اي مادة في الدستور تتحدث عن ثلث معطل، فالدستور يقول انه في حال استقال ثلث الوزراء زائد واحد لسبب ما فإن الحكومة تعتبر مستقيلة، لذلك فإن المطالبة بالثلث المعطل تعتبر أمراً مخالفاً للدستور.
وامل الجسر ان يكون للاتصال الذي اجراه الرئيس الفرنسي بالرئيس عون انعكاس ايجابي على الملف الحكومي لان اي مسعى هو افضل من الجمود.
لبنان يشكل مصدر قلق للمنطقة
وأسف عضو كتلة المستقبل من الصورة التي نعكسها للعالم اجمع من انه ليس بامكاننا ان نحكم انفسنا بانفسنا دون تدخل خارجي، والخطير بالامر ان هذه الصورة تظهر في وقت مفصلي حيث يتم فيه رسم خريطة جديدة للمنطقة بما يسمى «الشرق الاوسط الجديد» التي تبنى وترسم على حالة استقرار المجتمعات، لانه في حال كنا نشكل مصدر قلق للمنطقة فانهم بمقدورهم ان يُتبعونا ويفتتونا كما يريدون.
وختم الجسر متوجهاً الى اهل طرابلس بدعوتهم للتمسك بالقيم والحقوق والمحبة والتراحم والتعاون في هذه الاوقات الصعبة، مشيرا الى ان مطالبهم مقدسة ومحقة.