تتكثف مساعي الحراكيين في عاصمة الشمال طرابلس ودائرتها الانتخابية التي تضمها الى جانب المنية والضنية، لتوحيد الجهود على طريق تشكيل لائحة واحدة للانتخابات النيابية المقبلة.
ويبدو ان الطريق لا يزال طويلا امام هذا الهدف، أولا بسبب ان تجميع مجموعات الحراك لم يتبلور حتى الآن، وثانيا نتيجة عدم التوصل الى نتيجة للنقاش حول ماهية قوى التغيير نفسها، فهل هي التي سبقت مشاركتها في السلطة أم انها تقتصر على من لم «يتلوث» بتلك السلطة؟
قبل أيام أعلنت مجموعة حراكية وشخصيات عن نفسها تحت عنوان «الشمال ينتفض»، وثمة رهان على توسيع هذه المنصة التي يؤكد القيادي فيها مصطفى العويك على ثوابتها: الخطاب السيادي على اعتبار ان السلاح هو المشكل الاكبر في البلد ونطالب بحصرية حمل السلاح الا عند القوى الأمنية الشرعية. والتموضع ضد المافيات في البلد وأحزاب السلطة.
المنصة تنشط فيها مجموعات مثل «حجر وبشر» و»نور طرابلس» و»أبناء الوطن» و»المنتدى الإقتصادي السياسي» إضافة الى شخصيات تعمل ضمن قوى التغيير. ويشير ناشطون الى ان معظم المجموعات ما زال خارج هذا الاصطفاف، وان كان ليس منتقدا له بالضرورة، ومنها نحو 25 مجموعة من القوى التغييرية مثل «حراس المدينة» و«مواطنون وموطنات في دولة» وحزب «سبعة» و«عالشارع» و«ساحة ومساحة» وغيرهم..
هل يخلط ريفي أوراق المجموعات؟
على ان طبيعة التحالفات تتجه في غالبيتها نحو تعاون حراكي مع قوى معارضة للسلطة لحقَ موقفها الانتقادي لها مشاركتها فيها في حقبات مختلفة، ونتحدث هنا خاصة عن حزبي «الكتائب» و«الإستقلال»، بينما ما زالت «القوات اللبنانية» مرفوضة من الحراكيين في مقابل تقاربها مع اللواء أشرف ريفي الذي قد تجمعه لائحة معها، وان كان ريفي يردد في أروقته الداخلية عدم نيته الترشح ويتردد انه ينتظر دعما خارجيا ليتخذ قراره وهو ينسق مع «القوات» ضمن «الجبهة السيادية». ويود الحراكيون استقطابه الى الحلف معهم كون لائحته قادرة على الحصول على نحو 2500 صوتا تفضيليا، وهو سيخلط أوراق الحراكيين في حال مضى في لائحة لوحده، على حد قول الناشط السياسي مالك المولوي الذي يعمل على خط تقريب وجهات النظر بين المجموعات والسياسيين وهو التقى الأمين العام لحزب «الكتائب» سيرج داغر ورئيس «حركة الإستقلال» ميشال معوض والأمين العام لـ»الجماعة الإسلامية» عزام الأيوبي وخلدون الشريف وغيرهم، ويُحضِّر للقاء مع اللواء ريفي والنائب السابق مصباح الأحدب في سبيل توسيع تلك المعارضة.
وهو يشير الى ان ثمة مبادرة الى ان لا يتواجد في اللائحة من سبق له المشاركة في السلطة من وزراء ونواب حاليين أو سابقين، وان كان من غير المرفوض ان يدعم تلك اللائحة طالما كان في المعارضة ويريد المشاركة في التغيير فباب الحوار مفتوح على مرشحين لم يشتركوا في السلطة..
على صعيد القوى المسيحية، فإن التحالف مع «الكتائب» هو المضمون للحراكيين. فهذا الحزب يتعاطى بذكاء مع المعركة الانتخابية ولا يريد الترشح مباشرة وسيدعم لائحة القوى التغييرية المأمولة في اتفاق شبه رسمي حتى انه حضر اطلاق «الشمال ينتفض».. وقد اتخذ قراره بعد التجربة غير المشجعة لسامر سعادة، وبذلك سيكون قادرا على الظهور بمظهر المتعفف عن الترشح والحاصل في الآن نفسه على أصوات قوى التغيير في دوائر أخرى بعد دعمه لهم بمئات الاصوات في دائرة مثل طرابلس المنية الضنية.
والحال نفسه بالنسبة الى رئيس «الإستقلال» ميشال معوض القادر على تجيير مئات الاصوات في الدائرة والذي ينسق في شكل مكثف مع «الكتائب» لرسم معالم تحالف في الشمال كله، لكنه لم يحسم تحالفه مع الحراكيين في طرابلس والمساعي جارية على هذا الصعيد لجذبه وابعاده عن ريفي في حال قرر الأخير خوض المعركة من دون الحراك.
وثمة تواصل للمجموعات مع النائب السابق مصباح الأحدب الصامت والذي يتردد انه سيترشح ولكنه لن يشكل ضررا على لائحة الحراك في حال لم يتعاون معها.
«الجماعة الإسلامية» بين الحراك والحريري
والمباحثات تدور مع «الجماعة الإسلامية» التي انخرطت في الحراك منذ 17 تشرين في شكل غير رسمي واتخذت اليوم قرارا بدعم القوى التغييرية شرط عدم ذهاب المجتمع المدني بعيدا في شعارات غير محافظة. واغلب الظن أن الحركة لن تترشح مباشرة بعد تراجعها الكبير في السنوات الاخيرة وهي حصلت على 2000 صوت تفضيلي في الانتخابات الاخيرة بعد ان كانت من لاعبي المقدمة في السابق.. في الوقت نفسه ثمة مباحثات بين الحركة و»تيار المستقبل» في سبيل التحالف في دوائر مختلفة علما أن مرارة تكتنف «الجماعة» من «خذلان» زعيم التيار الرئيس سعد الحريري لها مراراً، وكان ذلك في عزّ قوة الحركة وليس كما هو حالها اليوم، وربما سيكون الحريري محتاجاً لهذا التحالف مع تراجعه الشعبي هذه الأيام.
ما هو قاطع بالنسبة الى الحراكيين بأن لا تحالف مع أحزاب السلطة الحالية ويلفت المولوي النظر الى ان العلاقة مقطوعة في شكل كامل معها. أما على صعيد ما تردد عن مظلة تريد مجموعتا «كلنا إرادة» و»نحو الوطن» تقديمها، فبعد الخلافات التي عصفت بينهما وصعّبت الاندماج، ثمة نية لدى الاولى للتعاون مع المعارضين الجدد، بينما ترفض الثانية التعاون سوى مع المجتمع مدني، لكنهما حريصتان على التفاهم على لائحة مشتركة ذات 128 إسماً أو منصتين من دون تحديد نسبة كل مجموعة وهذا ما يشترطه «رعاة» الخارج.
ثلاثة حواصل؟
أما عن التوقعات، فيُجمع الناشطون على ان المعركة صعبة ومعقدة كون السلطة وأحزابها يتواجدون على الساحة منذ زمن طويل، ولكن المعركة في الوقت نفسه غير مستحيلة على ان الأمر مرهون بمدى وحدة المجموعات وقدرتهم على تشكيل لائحة واحدة.
وهناك من يراهن على اكثر من حاصل ويصل البعض في تفاؤله الى حواصل ثلاثة، وطبعا هذا مرهون بارتفاع نسبة التصويت لتحقيق المجموعات التغييرية ارقاما متقدمة.
وبالنسبة الى المرشحين، قد تشهد الساحة طفرة ستكتب خاتمتها قبيل الانتخابات بعدد معيّن سيتمكن من الصمود لخوض المعركة بعد انسحاب كثيرين لن يجدوا مكاناً في اللوائح أو قد يكشفون عن لا نيتهم الأصيلة في الترشح لخوض هذا الاستحقاق.
على ان الصورة ستتوضح أكثر ابتداء من اواخر الشهر الحالي لناحية تبلور طبيعة لوائح الحراك ومجموعاته وربما لناحية التحالفات التي سينسجها وطبيعتها، كما لجهة إجراء تلك الانتخابات من عدمها!