Site icon IMLebanon

عندما تواطأ الحريري وميقاتي لإدخال «حزب الله» إلى عاصمة الشمال

 

لعنة «الزعماء» تُحاصر طرابلس.. والنواب الجدد أمام امتحانات لا يمكن تأجيلها

 

تتعمّق مأساة مدينة طرابلس وتزداد خطورة كلّما مرّت عليها الأيام في ظلّ «زعامات» قزّمتها الوقائع وأسقطتها امتحانات العمل السياسي.. فلا وصولُ واحدٍ من أبنائها إلى رئاسة الحكومة غيّر في حالها، حتى لو كانت معه كتلة وزارية وازنة، كما كان الحال مع نجيب ميقاتي، ولا احتلالُ رئيس أكبر كتلة نيابية يعتبر أنّه يمثّل «عاصمة السنّة» لرئاسة الوزراء كما حصل مع سعد الحريري، يستنقذ أبناءها من ركوب زوارق الموت، لا بل إنّ ميقاتي والحريري تقاسما تمزيق الفيحاء في صراعات الديكة التي تجلّت في جولات العنف المختلفة، وقاما بوأد مشاريعها الإنمائية وخنقها قبل أن تولد، وهما الآن في وضعية انسجام سياسي على أنقاض الوطن.

 

هكذا هي طرابلس اليوم. تدفع أثمان سياسات رؤساء الحكومات السابقين والحاليين، الذين وعدوا بآلاف الوظائف وبأنّ أحداً لن يجوع فيها.

ميقاتي والحريري: لعنة السياسة وكوارث الفشل

رغم كلّ أنواع الدعاية الانتخابية والعراضات السياسية، رفض سعد الحريري تسمية طرابلس عاصمة لبنان الاقتصادية ورغم تعيين الموظفة عنده ريا الحسن رئيسة للمنطقة الاقتصادية الخاصة، واستيلائها على الرواتب والامتيازات والمقرّ من غرفة التجارة والصناعة والزراعة، إلاّ أنّ هذه المنطقة الموعودة، التي جرى وضعها قرب مكبّ النفايات، بقيت ردماً على بحر، ولم يتحرّك أيّ شيء فيها، حتى بعد تولي نجيب ميقاتي أيضاً رئاسة الحكومة.

يعلن نجيب ميقاتي عن الاستعداد لتوسيع مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ويتجاهل كلياً ضرورة تشغيل مطار رينه معوض في عكار، وكأنّ هذا المشروع ساقط كليّاً من أولوياته، التي باتت في مكان آخر..

كان ميقاتي يقول إنّ جبران باسيل منعه من تنفيذ مشروع «نور الفيحاء» الذي طرحه لتأمين الكهرباء لطرابلس، ومن ثم جاء إلى رئاسة الحكومة، وتحوّل إلى تصريف الأعمال، وطيلة هذه المدة، لم نسمعه يتحدّث عن هذا المشروع، لأنّ التفاهم مع باسيل يقضي، على ما يبدو، بدفن جميع مشاريع طرابلس..

ميقاتي لم يكتفِ بهذا الإهمال، بل تجاهل عامِداً متعمِّداً مشروع بناء أهراءات القمح في مرفأ طرابلس حتى آخر جلسات حكومته قبل أن تتحوّل إلى تصريف الأعمال، وهو المشروع الجاهز قانوناً وتمويلاً، من دون أن يقدّم أي تفسير لكلّ هذا التجاهل والإهمال، وكأنه أصبح يشبه سعد الحريري في نزعته للانتقام من ناسه ومن يفترض أنّه يمثّلهم.

ميقاتي الذي يهتمّ باستثماراته المتنامية في الخارج زمن الانهيار المالي في بلد يرأس حكومة كانت تسمى، والذي أقرّ بإخراج أمواله من لبنان، لم يذرف دمعة، ولو اصطناعية، على ضحايا مركب الموت، الذين لا تزال جثامينهم حتى اليوم محاصرة أعماق البحار ليرمي المسؤولية على القدَر.

بلدية ممزّقة ورئيس عاجز

في طرابلس بلدية ممزقة يتقاذفها الإهمال والتواطؤ والنزاع، لم يحمها حرسها حتى باتت الكلاب الشاردة «تحرس» مدخلها بغياب الشرطة البلدية، بينما يعجز رئيسها عن ترميم مبناها الذي تركه لقمة سائغة أمام الغوغاء ذات ليلة سوداء، نام فيها أكثر من 100 حارس في بيوتهم تاركين بلديتهم تحت وطأة الزعران..

رئيس البلدية رياض يمق، لم يترك وسيلة لتعقيد الملفات إلاّ وسلكها، ولم يسلك نحو التنظيم سبيلاً، حتى سقطت وظائف البلدية الواحدة تلو الأخرى، لتتحوّل مدينة أشباح مستباحة من الظلام والكلاب الشاردة. يتواطؤ رئيس الحكومة ورئيس البلدية والمحافظ العوني الفظّ والمستفزّ على طرابلس، فتعطَّل البلدية، ويُعرقَل سوق الخضار الجديد، لصالح بقاء المدينة في حفرة الإفقار والإهمال المقصود.

 

يضرب وباء التهاب الكبد الفيروسي كبد طرابلس فتنزف أمراضاً وجوعاً وظلاماً وحرماناً فتلعن المتاجرين بها وتختزن غضباً هائلاً لا يمكن ضبطه إذا انفجر

 

العجز المفتعل لإدخال «حزب الله» إلى طرابلس

يضرب مرض التهاب الكبد الفيروسي (اليرقان) والمعروف شعبياً باسم الريقان عمق المناطق الشعبية في طرابلس، فلا يجد الناس من يمدّ لهم يد العون والمساعدة، مع وصول كلفة العلاج في المستشفى الحكومي في المدينة إلى ملايين الليرات، بينما طلب موظف الصندوق في المستشفى الإسلامي ألف دولار لمعلاجة ثلاثة أطفال لعامل في مجال نجارة المفروشات.. صمتٌ قاتلٌ مسيطر في الشأن الاجتماعي والمعيشي، ليتسلّل «حزب الله» عارضاً تغطية علاج الإصابات باليرقان، موغلاً في اختراق المناطق الشعبية، وليقدّم المساعدات لصيادي الأسماك وغيرهم من الفئات الضعيفة.

تجتاح عصابات مولِّدات الكهرباء مناطق طرابلس لتكون دون غيرها من المدن خارج تطبيق القانون، ولتفرض هذه العصابات فاتورة تتجاوز المائة وثلاثين دولاراً على الخمسة أمبير، بينما يتواطأ المحافظ البرتقالي مع أصحاب المولِّدات ليشكِّلا ثنائيّ فساد وابتزاز على رأس السطح..

نواب طرابلس أمام الامتحان

يقف نواب طرابلس الجدد اليوم أمام امتحان لا يمكن تجاهله ولا تجاهل أولوياته:

ــ ضرورة إيجاد وسائل لتأمين العلاج الطارئ لأبناء المدينة، سواء من خلال تعزيز المستشفى الحكومي أو عن طريق دعم مراكز الرعاية الصحية الأولية، لأنّ انفجاراً صحياً على الأبواب، وسيؤدي إلى نتائج وخيمة، ولا يمكن هنا تبرير الفشل ولا يجب تحييد حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بل يجب صبّ الضغوط عليه من كلّ جانب ليقوم بواجباته التي غادرها منذ زمن طويل.

ــ وجوب فرض القانون في مجال كهرباء المولّدات، ولجم هذا الطغيان الذي تمارسه هذه العصابة الفاسدة في أغلبها، إلاّ من رحم ربي، والعمل على التنسيق مع الجيش اللبناني لإنهاء هذا الاعتداء المستمرّ على مصالح أبناء طرابلس.

هناك ملفات عالقة كثيرة، منها سوق الخضار وضرورة تشغيله، ونباء أهراءات القمح في مرفأ طرابلس وغيرها من مشاريع تستوجب الضغط الشديد والعنيف سياسياً وشعبياً، لتنفيذها، وإلاّ فإنّ التغيير الذي حصل في طرابلس، يكون قد تعطّل في خطواته الأولى.