الذئب المنفرد استهدف أصداء خطبة مفتي الجمهورية صباح العيد وبيان رؤساء الحكومة الثلاثة وايضا الكلمة التي القاها قائد الجيش في متحف فؤاد شهاب وذكرى اغتيال الرئيس رشيد كرامي، واستطاع الذئب المنفرد ايضا ان يستهدف سكينة الانتظام المجتمعي الطرابلسي في الدولة الوطنية بحماية مؤسساتها العسكرية والأمنية، بالاضافة الى استهداف المؤسسة الشرعية الدينية الرسمية عبر الرسالة الصوتية المسجلة، والذئب المنفرد كان يعرف بأنه خارج الى غير رجعة وأن باستطاعته تنفيذ عمله الإرهابي على امتداد الاراضي اللبنانية بدون استثناء، لكن الملفت انه استهدف أهله ومدينته مما يحتم على كل العقلاء الإجابة على السؤال البديهي وهو لماذا اختار طرابلس والآن.
الذئب المنفرد نفذ عمليته الواضحة الأهداف بالتزامن مع تصاعد عمليات افتعال الاحتقان الطائفي والمذهبي اللبناني، ومع عودة التسويق المتسارع لفكرة الفيدراليات المقنعة في سوريا ولبنان، والمعروف ان طرابلس الشمال هي المنطقة الوحيدة التي لم تستطع المليشيات المسلحة ان تتحكم بتمثيلها السياسي رغم تعاظم الاستهدافات منذ محاولة ابو عمار الفاشلة بالعودة اليها بعد الاجتياح الاسرائيلي ثم خروجه منها العام ٨٣، مرورا بالحركات والإمارات وفتح الاسلام وجولات العنف والتفجيرات والإشكالات الغامضة مع الجيش في عكار وغيرها من محاولات الضغط والابتزاز السياسي والأمني والقضائي والانتخابي لدفع اهالي طرابلس والشمال الى الخروج على الدولة والانتظام العام.
الذئب المنفرد نفذ فعلته الشنيعة ومضى تاركا طرابلس والشمال والدولة للذباب الالكتروني لتوظيف الحدث حيث يرغب أولياء الكراهية والاحقاد على تجربة العيش الواحد في الدولة الوطنية المركزية، والذين يحاولون منذ عقود طويلة صناعة اسباب الفتنة وتحريك أدواتها من نزاع ٥٨ حتى الان، تاركين وراءهم كل ذلك القتل والدمار والتهجير والانهيارات والاغتيالات للرؤساء والقادة السياسيين والروحيين والاعلاميين ، لقد نجح الذئب المنفرد بالاعتداء على سكينة مجتمع المدينة في طرابلس واستطاع تعميم الحزن على المناطق اللبنانية التي شيعت شهداء الجيش والامن الداخلي، لكن الذباب الالكتروني فشل في تشويه صورة طرابلس الوحدة الوطنية والانتظام العام.
الذئب المنفرد نفذ فعلته الشنيعة وترك للذباب الالكتروني تحديد الاهداف من مؤسسات الانصهار الوطني المتمثلة بالجيش والامن الداخلي والبنك المركزي، اي انه استهدف ركائز الوحدة الوطنية المتبقية من الدولة المركزية، وهي النقد والجيش والامن ومعهم الشمال المحرر من القيد المليشياوي والمنخرط في الانتظام الوطني العام والممثل بالتوازن الدقيق بين المكونات رغم التفاوت العددي فيما بينها، بالاضافة الى تقدم الظاهرة المدنية التمثيلية للمرأة والنخبة العلمية في التمثيل الوزاري مع تمايز المجتمع السياسي الطرابلسي الديموقراطي الذي لا يجعل من التنافسية الانتخابية عملية عدائية مانعة للتلاقي والاتفاق.
لبنان في الايام القادمة بحاجة الى نخبة وطنية تعلمت من اخطاء الماضي البعيد والقريب، وقادرة على تحديد اللحظة الراهنة والاتجاهات السياسية الاقليمية والدولية، نخبة شابة قادرة على اعادة تجديد تجربة الدولة المدنية الوطنية الواحدة التي قوضت اسبابها التكونات العصبية الطائفية والمذهبية الغير مدنية، والتي تحاول هذه الأيام تفتيت لبنان الى كيانات هشة فاقدة لأسباب الاستقرار، وعلى اللبنانيين العقلاء الاقتداء بأهالي طرابلس الشمال في مواجهة ذئاب الفيدرالية الحمقاء.