Site icon IMLebanon

طرابلس: «طبخة البلدية» وراء الكواليس

في العلن، لا تبدو الانتخابات البلدية همّاً طرابلسياً، رغم أن موعدها، في محافظتَي الشمال وعكار، في 29 أيار المقبل. لا حملات انتخابية ولا لافتات ولا صور مرشحين، وكأن ما من انتخابات ستجرى في عاصمة الشمال، ولا من سينتخبون!

هذه البرودة لا تعزى فقط الى عدم دعوة وزير الداخلية نهاد المشنوق الهيئات الناخبة في المحافظتين، وإنما لأن القوى السياسية في المدينة لا تزال تتحاور، مباشرة وبالواسطة، لإنجاز توافق لم يبصر النور بعد، وهو ما جعل الحركة الانتخابية للمرشحين مُجمّدة إلى حين تبلور الأمور، توافقاً أو تنافساً، من دون إسقاط احتمال تأجيل إجراء الانتخابات من الحسبان.

غير أن خلف الهدوء الظاهر حركة لقاءات واتصالات ناشطة بين القوى السياسية المعنية، أغلبها بعيد عن الأضواء، للتوصل إلى صيغة توافقية مختلفة عن انتخابات 2010 التي أقرّ كل المشاركين فيها بفشلها. وتتمحور الصيغة الجديدة التي يبدو أنها نالت شبه إجماع على تسمية الرئيس المقبل للبلدية، على أن تترك له حرية اختيار من يراه مناسباً من المرشحين ليكونوا ضمن أعضاء لائحته التوافقية. وقد رشحت أسماء عدة قيد التداول جدّياً كنقيب المحامين السابق بسام الداية ورجُلَي الأعمال عمر الحلاب وعبد الرحمن الثمين. إلا أن التوافق لم يشمل بعد ما إذا كان سيترك للرئيس وحده اختيار فريق عمله. وفي هذا السياق، يهدد التمايز بين موقفَي الرئيس نجيب ميقاتي وتيار المستقبل بتعقيد التوافق البلدي «وقد يؤدي إلى فرط عقده قبل أن يرى النور»، وفق مصادر متابعة.

عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل مصطفى علوش أكد أن تياره «يتعاطى مع الانتخابات البلدية على قاعدة اختيار المرشح الأفضل لرئاسة المجلس البلدي، وأن يتمتع بالكفاءة ونظافة الكف واختيار أعضاء اللائحة ليشكلوا معه فريق عمل متجانساً لتحقيق الإنماء في المدينة». وأشار الى أن المستقبل ستكون له كلمة في اختيار الرئيس التوافقي، لكنه «لن يسمي أحداً للعضوية، تاركاً للرئيس التوافقي اختيار من يراه مناسباً. وحتى لو لم يختر عضواً محسوباً علينا، فلا مشكلة لدينا، لأن الأهم بعد فشل التجارب السابقة وتوزيع أعضائها حصصاً على السياسيين، أن لا يفرط عقد البلدية إذا فرط التوافق السياسي الذي أوجده». غير أن علوش شدّد على أن «لدى تيار المستقبل خيارات أخرى إذا فشل التوافق. لدينا مرشحون للرئاسة وللعضوية نفضل حالياً عدم كشفهم».

هذا الموقف يتمايز عن موقف الرئيس نجيب ميقاتي الذي نقل عنه «أننا سنعطي الرئيس التوافقي سلة أسماء ليختار منها فريقه البلدي المنسجم معه»، ولكن على أن «يكون لنا الحق في وضع فيتو على أي اسم يختاره». وتؤكد مصادر الرئيس السابق للحكومة أنه «لا يريد خوض انتخابات تنافسية مباشرة مع تيار المستقبل إلا إذا تعثر التوصل إلى تفاهم معه لجهة حصوله على حصة بلدية يعتبر أنها تتناسب مع حجمه السياسي والشعبي»، معتبرة أن «عرض وسطاء إعطاء رئاسة بلدية الميناء لرئيسها السابق عبد القادر علم الدين، المقرب من ميقاتي، لا يعني أبداً تنازله في بلدية طرابلس». وتشدد المصادر على أن «تسليمنا بأن تيار المستقبل هو الأول سنياً في لبنان، لا يعني أبداً أنه الأول وصاحب الكلمة العليا في طرابلس. والرئيس ميقاتي يعتبر نفسه في هذه الأيام الرقم الصعب، إنْ لم يكن الأول في المدينة، وليس أمام الرئيس سعد الحريري إلا التفاهم معه إذا أراد تجنّب خسارة محققة في حال إصراره على الاستئثار بقرار المدينة».

وتوقفت المصادر عند جولة ميقاتي الأخيرة في بعض أسواق طرابلس التي رُمّمت على نفقة «جمعية العزم والسعادة» التابعة له، ومنها سوق القمح، والتي أكّدت «حضور ميقاتي القوي في المدينة». كما توقفت عند «الاستقبال الحاشد الذي لقيه سعد المصري، أحد قادة محاور القتال في باب التبانة بعد خروجه من السجن، وهو المقرب من ميقاتي»، مشيرة الى أن «الجموع التي استقبلت المصري كانت أكبر من تلك التي استقبلت الحريري في طرابلس الشهر الماضي».

هذه الأجواء تشير الى أن تفاهم الحريري ــــ ميقاتي وحده يستطيع تجنيب طرابلس انتخابات بلدية قاسية. فيما بقية القوى السياسية، وتحديداً النائب محمد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي، تحرص على تجنيب المدينة كأس انتخابات توتر الأجواء وتزيد الانقسام فيها.