Site icon IMLebanon

طرابلس: «طبخة» التوافق البلدي على النار

بعيداً من الأضواء، تجرى اتصالات وتُعقد لقاءات بين القوى السّياسية في طرابلس للتوصل إلى «تفاهم» حول الانتخابات البلدية المرتقبة في المدينة، بهدف تجنيبها تنافساً انتخابياً قاسياً قد ينعكس سلباً على الاستقرار الهشّ الذي تعيشه منذ نحو سنة ونصف سنة، بعد بدء تطبيق الخطة الأمنية فيها

مساعي التفاهم للتوصل إلى تفاهم حول الانتخابات البلدية في طرابلس والشمال يقودها أكثر من طرف، أبرزهم النائب محمد كبارة ورجل الأعمال طارق فخر الدين اللذان يبذلان جهوداً لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية المعنية، وتحديداً بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، بسبب تمسك الأول بتصفية حاسبات سياسية مع الثاني تعود إلى 2011 عندما ألّف ميقاتي حكومته بعد إسقاط حكومة الحريري.

وبحسب المعلومات المتوافرة، تجرى الاتصالات المتعلقة بالانتخابات البلدية على أكثر من خط، وهي تشمل البلديات الأربع المنضوية في اتحاد بلديات الفيحاء: طرابلس والميناء والبداوي ــــ وادي النحلة والقلمون، لكن التركيز يتم على طرابلس والميناء، بينما وضعت بلديتا البداوي والقلمون، حالياً، خارج النقاش كونهما أقل ثقلاً، على أن يكونا إما جائزة ترضية للقوى السياسية في حال التوصل إلى تفاهم بينها، أو أن يترك أمرهما للعائلات لتقرر مصيرهما.

وعلمت «الأخبار» أن النقاشات تركز على اختيار رئيس البلدية أولاً قبل تأليف أي لائحة انتخابية، على أن يحظى اسم الرئيس المقبل بمواصفات جامعة، ولو بالحد الأدنى وألا يكرّر تجربة البلدية الحالية التي فشلت فشلاً ذريعاً، وأن يترك للرئيس المقبل هامش اختيار فريق عمله من بين لائحة أسماء تقدم إليه يجرى التوافق عليها ضمن آلية معينة، وعدم فرض مرشحين عليه.

توافق مبدئي حول الميناء واستبعاد المواجهة في طرابلس

نتائج هذه الاتصالات واللقاءات أثمرت، على ما يبدو، توافقاً مبدئياً حول بلدية الميناء. إذ رسا الاختيار على رئيس بلديتها السابق عبد القادر علم الدين الذي أوضح لـ»الأخبار» أنه زار مختلف القوى السياسية الرئيسية، من الرئيس ميقاتي إلى النواب كبارة ومحمد الصفدي وسمير الجسر والوزير السابق فيصل كرامي، و»أبلغتهم ترشحي للانتخابات ونلت دعمهم»، ناقلاً عنهم أنهم «لا يريدون تكرار تجربة انتخابات 2010 الفاشلة التي أدت إلى فرط المجلس البلدي قبل نحو ثلاث سنوات، ووضعه في عهدة محافظ الشمال».

غير أن هذا التوافق المبدئي لم ينسحب بعد على طرابلس. ولا تزال النقاشات تدور حول مجموعة أسماء لاختيار الرئيس المقبل للبلدية من بينها، في انتظار ما ستسفر عنه الاتصالات الجارية وما إذا كانت ستنجح في تقريب وجهات النظر بين الحريري وميقاتي، خصوصاً بعدما بات واضحاً أن محاولات الأول عزل الثاني لم يكتب لها النجاح. إذ «يتحصّن» ميقاتي بتحالفه مع الصفدي وكرامي، الأمر الذي سيجبر الحريري على مدّ يده للثلاثي الطرابلسي كله، أو مواجهته كله.

وفي هذا الإطار، استبعدت مصادر سياسية مطلعة «حصول مواجهة انتخابية بلدية قاسية بين الحريري وميقاتي في طرابلس، بخاصة أن الأول يعرف أن كلفتها المالية والسياسية ستكون باهظة، ناهيك عن أن طرابلس ستنقسم عمودياً في حال وقوع مواجهة كهذه».

أما لجهة ميقاتي، فتؤكد المصادر أنه «أصلاً لا يريد أي مواجهة مع تيار المستقبل، أولاً لأنه لا يفضل مواجهات سياسية من هذا النوع ولم يقم بها سابقاً، وثانياً لأنه يعتبر أن تقارب الأطراف السياسية على بقية الساحات، مثل التقارب على الساحة المسيحية مؤخراً، يفرض على القوى السياسية السّنية أن تتقارب، وليس العكس».

إلا أن مساعي التوافق، من جهة أخرى، بدأت تلاقي اعتراضات واسعة في طرابلس، خصوصاً من قبل هيئات المجتمع المدني وناشطين وقوى سياسية، ترى أن «التجربة البلدية السابقة كانت كارثة على المدينة، لأن التوافق لم يصمد أكثر من أشهر قبل أن ينهار، ما أدى إلى شلّ البلدية وغرق طرابلس في الفوضى والإهمال وتراجع خدمات البلدية».