IMLebanon

طرابلس: «شياطين» التفاصيل تفرمل التوافق البلدي

تثبت التطورات المتلاحقة أن الكلام الذي يقال عن حصول توافق في انتخابات بلدية طرابلس، مجرد كلام، وأن المناقشات الجدّية تكشف عكس ذلك. فهل ما يحصل مناورات يقوم بها جميع الأطراف، كلٌّ على طريقته، لتحسين شروطه، أم مقدمة لتعثر التوافق والذهاب نحو معركة إنتخابية؟

نحو ساعتين ونصف ساعة، دام اللقاء الذي عقد مساء أمس في دارة النائب أحمد كرامي في كرم القلة بطرابلس، وحضره نواب المدينة للتداول في الإنتخابات البلدية المقبلة، إلا أن الدخان الأبيض الذي كان منتظراً خروجه من اللقاء، إيذاناً بالتوافق على إسم رئيس البلدية المقبل، لم يخرج، ما أبقى الأمور تراوح مكانها.

اللقاء حضره إلى كرامي كل من النائبين محمد كبارة وسمير الجسر، وأحمد الصفدي ممثلاً النائب محمد الصفدي، والرئيس نجيب ميقاتي الذي شارك في جانب من اللقاء، وغاب عنه الوزير السابق فيصل كرامي لكونه مقتصراً على النواب. وتضاربت المعلومات بشأن ما دار فيه، وتعدّدت التسريبات التي تشعبت بين التفاؤل والتشاؤم، ما أوحى بأن التوافق لا يزال فكرة لم تختمر بعد، وأن إنضاجها يحتاج إلى ظروف لم تتوافر حتى اللحظة.

فالمصادر المقربة من ميقاتي وصفت اللقاء بأنه «يأتي من ضمن الاستعدادات الجارية للتوافق على لائحة للإنتخابات البلدية، لكن أي إسم نهائي لاختياره رئيساً للبلدية لم يحسم بعد، إلا أنه بات محصوراً بالأسماء الثلاثة التي طرحها الرئيس ميقاتي وهي عزام عويضة وعبد الرحمن الثمين وعمر الحلاب».

يجري التداول بفكرة اجتماع ميقاتي والحريري في منزل «طرف ثالث»

ومع أن مصادر ميقاتي رأت أن «اللقاء جعل حظوظ التوافق تتقدم»، فإنها أبقت الباب مفتوحاً أمام سقوطه، معلنة أن لديها خياراً آخر، بقولها إنه «إذا لم يحصل التوافق فإننا بكل تأكيد ذاهبون إلى معركة». وكشفت أن «هناك تفاهماً مع الوزير فيصل كرامي على خيارَي التوافق والمعركة، وأن الجماعة الإسلامية ليست بعيدة عن هذه الأجواء. أما الصفدي فإنه لا يزال يتريث حتى الآن في إعلان موقفه».

وأوضحت مصادر الرئيس الأسبق للحكومة أن «الفكرة الرئيسية للتوافق لا تزال محور الإجتماعات، وهي اختيار رئيس توافقي، وعدم الدخول في الحصص، وأن تترك للرئيس المقبل حرية اختيار فريق العمل الذي يلائمه من أجل إنجاح العمل البلدي».

وعما إذا كانت العقدة الرئيسية التي تجعل التوافق متعذراً تتمثل في عدم حصول لقاء بين الرئيسين سعد الحريري وميقاتي، أجابت مصادر الأخير أن «اللقاء إذا حصل فلن يكون هو الحدث، ولن تكون الإنتخابات البلدية هي محوره الرئيسي، إنما الأمر يتجاوز ذلك، فنحن نطمح أن يكون اللقاء مقدمة لنبنى عليها مقومات تنظم العلاقة بين الطرفين، فضلا عن الإعتراف بالتعدّدية السّياسية داخل الطائفة السّنية». وكشفت أن «رسائل غير مباشرة يجري تناقلها بين الرجلين، وأن هناك مساعي وطروحات لأن يعقد اللقاء عند طرف ثالث إذا رفض أحدهما زيارة الآخر في منزله».

غير أن قراءة مصادر ميقاتي للقاء أول من أمس، تقابلها قراءة مختلفة، إذ أكدت مصادر المجتمعين أن «التوافق لم ينجز بعد، وأنه لا يزال مبكراً الحديث عن أسماء لا نزال نغربلها حتى الساعة».

وأوضحت المصادر أن «الكل يتحدث عن التوافق الذي هو من مصلحة المدينة في هذه المرحلة، وهو يخدمها الآن أكثر من أي وقت مضى، وليس ذلك إلغاء للديمقراطية إنما عبر التوافق نحافظ على التمثيل الطائفي، ونمنع حصول صدام»، لكنها أشارت إلى أن «الشياطين تكمن في التفاصيل، إذ تظهر عندها أفكار وأجندات مختلفة غير التي كانت تقال في العلن».

وإذ أكدت المصادر أن «أسماء المرشحين لرئاسة البلدية ليست محصورة بالإسماء الثلاثة التي طرحها ميقاتي، لأن في طرابلس كفاءات وأصحاب خبرة لا يجوز حصرهم في ثلاثة أسماء فقط»، فإنها سألت: «من يختار إسم رئيس البلدية المقبل من بين الأسماء الثلاثة المعروضة؟ ووفق أي آلية؟ ولماذا يريد البعض إغلاق الباب أمام مرشحين آخرين لرئاسة البلدية؟ وهل رمى ميقاتي الأسماء الثلاثة في وجه نواب المدينة وقواها السياسية ليختاروا واحداً منها، أم في وجه من رماها، ولأي أهداف وغايات؟».

يُذكر أن لقاء أمس هو الثاني الذي يعقد بين نواب طرابلس لهذه الغاية، بعد لقاء أول عقد منذ أسبوعين في المكان ذاته. واللقاء المقبل سيعقد بعد عودة النائب الصفدي من السفر