IMLebanon

طرابلس «تحرم» التهنئة بعملية المئتين!؟

كان لافتاً أنّ القيادات الطرابلسية رافقت بصمت مطبَق عملية ليل الخميس – الجمعة الماضي التي انتهت الى توقيف أحد المطلوبين وقتل آخر. وهو صمت أخفى وراءه جهوداً إستثنائية بُذلت لإستيعاب الوضع وعبور المرحلة بأقل الخسائر، فعبرت المدينة إستحقاقاً بالغ الخطورة. وعليه لماذا حَرمت المدينة وزير الداخلية التهاني التي تلقاها من قيادات لبنانية مختلفة؟ وهل أنّ هذا الحرم اوسع؟

في وقتٍ اعتبر مرجعٌ أمنيّ بارز أنّ العملية الأمنية التي شهدتها منطقة المئتين في طرابلس وأدّت الى توقيف الشيخ احمد حبلص ومرافقه ومقتل اسامة منصور ومرافقه، قد شكلت في حدّ ذاتها خطة أمنية ثانية للمدينة والشمال، لم تعترف طرابلس بهذه القراءة بعد.

فهي واكبت حصيلتها ونتائجها وكلّ ما رافقها الى اليوم بصمت يُمكن أن يُقرأ من زوايا متعددة ولأسباب عدة، بعضها القليل ظاهر للعيان لكنّ أكثرها ما زال جمراً تحت رماد الحركة الصامتة للمدينة.

فعلى وقع أصوات التكبير التي اطلقها أقلّ من 200 شخص من باب التبانة شاركوا في تشييع منصور، بقيَ الصمتُ الطرابلسي مدوياً. ولولا البيان الذي صدر عن «هيئة العلماء المسلمين» لقيل إنّ الطرابلسيين في إجازة حقيقية.

لكن ما كان لافتاً هو أنّ الهيئة رفعت السقف عالياً عندما طالبت «بتحقيق شفاف وعادل، يتبيّن من خلاله حقيقة ما جرى». وتضمّن سؤالاً عما إذا كانت الأجهزة الأمنية نفّذت «عملية اغتيال أوتصفية؟ أم عملية اعتقال انتهت بهذه النتيجة؟»

وجاء الرد سريعاً على بيان الهيئة من وزير الداخلية نهاد المشنوق بآية قرآنية قاسية للغاية قبل أن يطالبهم بتبيان الحقائق قبل التعليق. وفيها «إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة وتصبحوا على ما فعلتم نادمين». ما وضعَ حداً فورياً لجدال بين الطرفين كان يمكن أن يتطوّر لو كانت المدينة تعيش ظروفاً كتلك التي كانت تعيشها سابقاً.

وبعد بيان الهيئة وردّ المشنوق، عمّم المكتب الإعلامي لوزير الداخلية خبراً عن اتصال هاتفي تلقّاه من مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار «مهنِّئاً إياه بالعملية الامنية التي قامت بها شعبة المعلومات… ومقدّراً نتائج الخطة الامنية في طرابلس والشمال». مبدِياً دعمه «القوى الامنية الشرعية المتمثلة بقوى الامن الداخلي والجيش اللبناني».

لكنّ الأمر لم يطل أكثر من 24 ساعة لينفي الشعار في بيان أن يكون قد تناول في اتصال مع المشنوق ما حصل ليلَ الخميس في المدينة، مؤكداً أنه لم يتحدّث معه «لا من قريب ولا من بعيد عمّا حدث».

وأمام هذه الوقائع، رُبِط نفيُ الشعار للإتصال – على رغم إصرار المشنوق على حصوله – بضغوط طرابلسية قيل إنها «حرّمت» على وزير الداخلية أيّ اتصال للتهنئة او المؤازرة بعد عملية المئتين. ولتكن المواقف المؤيِّدة ولابطالها من أيّ موقع كان من لبنان إلّا من المدينة.

وما شجّع على وجود مثل هذا القرار غير المعلَن أنّ قادة المدينة ووزراءها ونوابها آثروا الصمت. قيل إنّ الرئيس نجيب ميقاتي في الخارج فلم يصدر أيّ بيان، وكذلك فعل وزير العدل أشرف ريفي الموجود في قطر للمشارَكة في مؤتمرٍ عن الجريمة والعدالة الجنائية، ووزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس ومعهما الوزير السابق فيصل كرامي.

وإن تحدّث مسؤولو «المستقبل» او نواب المدينة بعد الحادث فقد آثروا التعليق على مصير حوار عين التينة وأحداث اليمن. وكذلك حافظ نائب عكار معين المرعبي على صمته تزامناً مع الإعلان عن إدخال النائب خالد الضاهر المستشفى نتيجة عارض صحّي مفاجئ.

وما زاد الطين بلة، وعند تقويم المواقف السنّية من عملية المئتين، كان لافتاً أيضاً أنّ المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الذي انعقد السبت الماضي آثر التغاضي عما حدث على رغم حضور مَن يمثل طرابلس، فتجاوز الأمر وتحدّث عن ذكرى 13 نيسان وحوار «المستقبل» و»حزب الله»، و«عاصفة الحزم».

وفي مقابل ما تقدّم، ترفض المدينة التي لم تتنكر لجوّ الإحتقان فيها، وشعورها بأنها مستهدَفة دون غيرها من المناطق، أن يكون شادي المولوي أو الشيخ سراج الدين زريقات قد تحدّثا بإسم المدينة في نعيهما منصور وتوقيف حبلص.

ولذلك رصد المراقبون بدقة حصيلة لقاء المشنوق مع الرئيس سعد الحريري في الرياض الذي أكد على أهمية «الإنجازات التي تحقّقها قوى الأمن الداخلي في مجال مكافحة الإرهاب، وآخرها الإنجاز الذي قامت به شعبة المعلومات في طرابلس»، لترى فيه تعويضاً عما أصاب المشنوق من صمت الطرابلسيين في مواجهته للإرهاب.