Site icon IMLebanon

هل ينجحون في إقصاء “القوات” عن مقعد طرابلس الماروني؟

 

 

الشائعات كثيرة والحقائق أيضاً

 

 

من الآخر، هل سيعود المقعد الماروني في طرابلس الى موارنة طرابلس أم أن هناك من سيتدخل من أجل أن يكون سعادة النائب الجديد المنتظر ملحقاً كما أتى ذات يوم فيصل كرامي نائباً وقيل عنه، من بيت أبيه، من عمه معن كرامي: هذا هو الوزير الشيعي السادس في الحكومة! فها نحن عند ابواب إنتخابات 2022. الشائعات كثيرة والحقائق أيضاً.

 

لأول مرة، نرى حماسة ونسمع عن أناس سيقترعون «لأول مرة» في حياتهم على الرغم من بلوغهم منتصف العمر، لأن لا هم ينتظرون ولا البلد ولا العمر. لكن، «المنظومة» التي تُلصق بها كل الأخطاء تريد أن تعود نفسها. فهل الناس سُذّج؟ أيام قليلة وتتبلور الأمور.

 

عدد المقاعد في طرابلس 11، وعدد الناخبين 377,534، وعدد المرشحين 96، وعدد اللوائح 11 بينها أربع هي الأقوى: لائحة «للناس» المدعومة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، و»إنقاذ وطن» المدعومة من اللواء أشرف ريفي والقوات، و»الإرادة الشعبية» المدعومة من النائب فيصل كرامي، و»لبنان لنا» المدعومة من نواب المستقبل السابقين. فمن سيربح ومن سيخسر؟ الثابت أن هناك «كسر عظم» وأموالاً ينتظرها كثير من الطرابلسيين اليوم الذين رموا بأنفسهم وأطفالهم في البحر هرباً من نير الدولة.

 

طرابلس أرض المسلمين. هذا ما يقوله البعض هناك. غير أن هناك من يعمل على أن تكون أرضاً لبنانية أولاً وأخيراً. وأوّل ما يُحقق ذلك أن يجد الصوت المسيحي، الماروني بالتحديد، نفسه فيها وأن يعود المقعد الماروني الى موارنة طرابلس وهو ما لم يتحقق منذ أن استحدث المقعد الماروني في طرابلس فتوالى عليه، منذ العام 1992، كل من جان عبيد (في 1992 و1996 و2000) وبعد عزوفه بعد اغتيال رفيق الحريري أتى إبن الرميلة الياس عطالله ثم إبن البترون سامر سعاده ثم عاد ابن زغرتا جان عبيد. أما اليوم فالتنافس على المقعد يشتد بين اثنين: إبن الراحل جان عبيد سليمان (من زغرتا) والياس الخوري (إبن طرابلس). فهل يعيد الخوري المقعد الى موارنة طرابلس؟

 

هناك إصرار من البعض، خصوصاً من فيصل كرامي، على القول «إن طرابلس لا يمكن أن تختار قواتياً»، مستخدماً لغة الماضي والحرب وتهمة ألصقت بالقوات ايام الوصاية السورية. هو يصرّ على ذلك في وقتِ يبدو فيه الياس الخوري القواتي قادراً أن يأخذ اليوم، من خلال حيثية القوات المسيحية، اصواتاً تفضيلية، بالتحالف والشراكة مع اللواء اشرف ريفي. هناك فرصة حقيقية ان يفوز الخوري اليوم. وكلما قويت هذه الإمكانية زاد «المرشح الشيعي السادس على مقاعد السنة» عيار لغته التخوينية والتذكير بقضية من صنع النظام الأمني والقضائي السوري.

 

سليمان عبيد، المدعوم علناً من نجيب ميقاتي، يلعب على وترِ «الخصوصية الطرابلسية» التي تتناقض مع ترشيح قواتي في طرابلس. وقد رفض أن تكون معراب مرجعية ممثل الموارنة في طرابلس، فهل يمكن ان يساهم المرشح في بناء البلد والمدينة على فتح الجروح بشكل إستنسابي وهو العارف بمعايير «القضاء» أيام الوصاية السورية أم أن معايير الوصاية الإيرانية الجديدة تلزمه بذلك؟

 

نتصل بالمرشح عبيد، مرة واثنتين وثلاث مرات. ندق واتساب وعادي من خط وخطين وثلاثة. يبدو سليمان جان عبيد مشغولاً جداً. نفهم أنه زمن إنتخابات لكن لا ولن ننسى أن جان عبيد كان إن لم يجب يعاود الإتصال.

إبن طرابلس

 

فلنأخذ رأي المرشح القواتي عن المقعد الماروني، يتحدث الياس الخوري عن «تعاطف ظاهر من قبل الطرابلسيين مع ترشحه». لكن، ماذا عن وقع الشائعات؟ يجيب «لا تفعل فعلها. الناس باتوا يعرفون لغة البعض في اللحظات الحاسمة. في كل حال، الموضوع يتجه نحو عملية حواصل. وما نريده هو إشراك مزيد من الموارنة في الإنتخاب. وهذا ما نتوقعه لأن القانون القديم جعلهم يشعرون بأنهم غير معنيين وأن صوتهم «ما بيودي». ثمة حماسة نشهدها اليوم».

 

ثلاثة عناصر أساسية ينطلق منها مرشح القوات في طرابلس، أولها أنهم سيقترعون لأول مرة لمرشح من طرابلس، ولد فيها وكبر فيها. هذه المعركة ستكون بالفعل معركتهم. الطرابلسيون سيستردون ما لهم ويعود الحق الى أصحابه. كذلك، تشكل القوات تكملة للخط السيادي الذي يمثل نواة 14 آذار وأهل طرابلس كانوا في طليعة ثورة الأرز وخزانها الحقيقي. وهذه نقطة جد مهمة تدفعهم، خصوصا بعد كل ما أصابهم، الى الإقتراع. أما العنصر الثالث، فجميعنا لم ينسَ بعد أن طرابلس كانت عروس الثورة في 17 تشرين، وهي تعرف أن القوات ذات وجه إصلاحي، ووزراؤها ونوابها غير فاسدين وهذا ما يشهد له الخصوم قبل الحلفاء.

 

هناك 5300 ناخب ماروني على لوائح الشطب، إقترع منهم في العام 2018 أكثر من 500 بقليل. هذا مارونياً، أما مسيحياً فتبلغ نسبة المسيحيين نحو 35 في المئة، هؤلاء أتوا من زمان الى طرابلس من الجبال، من إهدن وحصرون وحدشيت، وبنوا مصالح فيها. هؤلاء هجروا يوم أتت حركة التوحيد الإسلامية ونفذت تعديات على المسيحيين وقتلت عدداً كبيراً من الشباب واعتقلت آخرين وأهانت كثيرين. لكن، منذ انتهت الحرب لم يأت أحد صوب المسيحيين. وهناك كثير كثير من المسلمين لا يرغبون بمغادرة المسيحيين. لكن، ما حصل بعد الحرب أن المدينة التي كانت تضم عشرات المعامل وتعج بالحياة أصبح ملاذ سكانها زورقا ولو كان زورق موت.

 

إنتهت الحرب. لكن، هناك من يرفض، ممن أصبح «زعامة طرابلسية»، الإعتراف بذلك ويصرّ على استحضار أحداث معروفة ظروف أحكامها. في حين، يغضون الطرف عن إدانة واضحة من المحكمة الدولية في قضية استشهاد رفيق الحريري. ولا يبالون بمن قتل المفتي حسن خالد وكمال جنبلاط وبشير الجميل ورينيه معوض وقافلة شهداء 14 آذار… إنها الإنتقائية والفبركة. والحرب لا تفتح انتقائياً بل تفتح بكل فصولها او تقفل.

 

ريفي

 

حسان ريفي، المسؤول عن ماكينة أشرف ريفي الإنتخابية، يتابع لحظة بلحظة «نبض طرابلس» في زمن الإنتخابات ويقول «نحن لا نتكل كثيرا على الإحصاءات التي تصدر لأن أي تفصيل صغير قادر أن يغيّر من المعطيات. أما بخصوص الصوت الماروني فتحالفنا واضح وعلى رأس السطح وإن كانت الإنتخابات تجرى وفق قانون يجعل من مرشحي اللائحة الواحدة إخوة – أعداء، فكل واحد يفكر باستحواذ الصوت التفضيلي ويعمل من أجل تأمين أصوات أعلى و»ربك ميسر». ويستطرد بالقول «الياس الخوري، مرشح القوات، ينطلق من دعم مسيحي وقواتي وسني، من خلال أشرف ريفي، بينما ينطلق سليمان عبيد من دعم نجيب ميقاتي. نحن سنساند الخوري وميقاتي سيساند عبيد. نحن نساند بالمواقف أما غيرنا فيفعل ذلك بأشياء أخرى».

 

رئيس الحكومة يتحدث عن أنه بمنأى عن الإنتخابات في طرابلس. في هذا الإطار يقول المسؤول عن حملة اللواء ريفي «في العام 2018 إستلمتُ حملة أشرف ريفي أيضاً، والمعطيات اليوم ليست نفسها كالأمس، فميقاتي يدعم الآخرين اليوم بطريقة غير فاقعة. إنه يتصل بكثير من الأطراف، على قاعدة أن لا عدو واضحاً له، في حين نواجه نحن كل المشاريع التي لا تخدم بناء الدولة» ويتابع: دولة الرئيس يمون على الصوت العلوي ويمكن، من خلال إتفاق معين، أن يعطي الصوت التفضيلي الى علوي. أما لجهة قدرته التجييرية فستكون أقل مما لو كان نازلاً بنفسه الى الإنتخابات. وهو، إذا كان قد نال 22 ألف صوت في العام 2018 فلن يتمكن في الـ 2022 من تجيير نفس الرقم، خصوصاً بعدما سمعه الطرابلسيون يقول: بدنا نتحمل بعضنا.

 

فيصل كرامي، إبن طرابلس، وعلى لائحته مرشح عن مقعد الموارنة هو جورج إدمون شبطيني. هو إبن طرابلس ورجل أعمال وكان عضواً في مجلس إدارة مصلحة إستثمار مرفأ طرابلس. لكن مسيحيي طرابلس يرون في اللائحة التي تضمه إمتداداً لأهواء «حزب الله». في كل حال، يحكى في طرابلس عن دعم يتكل عليه كرامي من الضنية، من خلال جهاد الصمد، الذي حصل في انتخابات الـ 2018 على 13 ألف صوت. هو كان مرشحاً عن المقعد حينها مع اثنين من المنافسين فيما اليوم هناك أربعة أو خمسة مرشحين من عائلة الصمد نفسها. أمرٌ آخر يتكل عليه كرامي، بحسب الطرابلسيين، وهو عدد المجنّسين الذي وُعد بتجييره له. الكلّ يتكل على استطلاعات وعلى أصوات موعودة لاستمراريتهم بينما الطرابلسيون ينتظرون على ضفاف البحر زوارق نجاة.

 

أمرٌ آخر تغيّر اليوم في طرابلس. في 2018 أكثر من 5 في المئة من الأصوات فيها اعتبرت ملغاة لأن الناخبين لم يعرفوا أين يضعون علامة «إكس» أو «صح» وخرجوا من المربع. وأكثر من 80 في المئة من تلك الأصوات كانت تعود الى أشرف ريفي. رؤساء دوائر كثيرون رفضوا مساعدة الناس يومها أما اليوم فبات هؤلاء يفقهون أكثر منطوق التصويت وأسلوبه.

 

الإنتخابات الآن مفصلية. ومن يسئ اليوم الإختيار فسيدفع الثمن غالياً جداً. إنها إنتخابات أبعد من إختيار لائحة وصوت تفضيلي. وفي الموازاة، ها هي المحاولات لإقصاء القوات عن طرابلس كما في بعلبك الهرمل.