لأوّل مرة في تاريخ لبنان يعقد مؤتمر حقيقي لبحث مشاكل مدينة طرابلس الاقتصادية والاجتماعية والذي جاء محصلة سنة كاملة من عمل دؤوب قامت به مؤسسة الصفدي بمسح الاحتياجات الأساسية والوضع الاجتماعي والتربوي في منطقة تعتبر من أشد المناطق فقراً في طرابلس ويسكن فيها 30 ألف مواطن.
أهمية هذا العمل أنه تم مع السكان أنفسهم ومع الوزارات المعنية والمدارس في منطقة طرابلس القديمة وجاء باقتراحات ومجموعة مشاريع وبرامج تنموية للتنفيذ ولم يكتفِ بإجراء الدراسات وتعداد المشاكل بل وضع الحلول والمشاريع والبرامج لمعالجة المشاكل ودعوة الجميع من مجتمع مدني ودولة وقطاع خاص للمشاركة في تنفيذها، مع الإشارة الى ما عانته تلك المنطقة من ويلات وجولات الحرب وهي اليوم على باب فرصة تاريخية لن يسمح لأحد بأن يفشلها، على حد قول الرئيس الحريري الذي أضاف: «إننا اليوم نعمل لإتمام مشاريع البنى التحتية والطرقات والاوتوسترادات الدائرية غرباً وشرقاً ومستمرون لإطلاق مطار رينيه معوّض وسكة الحديد شمالاً والمنطقة الاقتصادية وتطوير المرفأ وتفعيل المعرض والتحضير لدور لطرابلس في إعادة إعمار سوريا والعراق».
وقال: «وإني مقتنع بأنّ طرابلس والشمال كله سيكونان رافعة للاقتصاد اللبناني وأثنى على الدور الذي تقوم به مؤسسة الصفدي والمجهود الوطني الأكبر الذي تقوم به الدولة والهدف عند الجميع واحد هو توفير فرص عمل للشباب اللبناني».
وكرّر شكره للوزير محمد الصفدي الذي آمن بهذا الجهد وعمل عليه منذ أكثر من سنة حتى الوصول الى هذا المؤتمر لكي تنهض طرابلس وتعود للعب دورها الوطني وإعطاء صورتها الحقيقية غير ما يحاول البعض أن يصوّرها مدينة للتخلّف والتطرّف.
أما الوزير الصفدي فقال: «إنّ هذا المؤتمر يشكل الحجر الأساس على طريق نزع ألقاب لا تليق بالمدينة وأن ننزع عن طرابلس لقب المدينة الأكثر فقراً على البحر المتوسط، وفق تصنيفات البنك الدولي وتهتم الدولة بشباب المدينة فتنفي عنها صفة الإرهاب»… ولخص الأهداف بالآتي:
تأمين فرص عمل للشباب.
توفير شروط صحية لكل فرد محتاج.
تحويل منازل في حال مزرية الى بيوت يتوافر فيها الحد الأدنى من مقوّمات العيش.
وكذلك محاربة التسرّب المدرسي.
ولم يكتفِ المؤتمر بذلك بل انّ وزير التربية الذي شارك فيه أكد على دور الوزارة والقيام بواجبها في المدارس والجامعات خصوصاً الجامعة اللبنانية في طرابلس والكورة وعكار.
أما وزير الصحة غسان حاصباني فوعد بزيادة عدد مراكز الرعاية الصحية بشكل كبير… علماً أنّ الأحد عشر مركزاً في طرابلس، وسواها من المراكز في مختلف المناطق أصبحت مراكز للعناية بالنازحين السوريين!
الوزير محمد كبارة ركز على آثار المدينة التي يلزمها دعم من الدول المانحة، إذ فيها أكثر من 200 معلم سياحي، وبإمكان طرابلس أن تكون عاصمة ثقافية واقتصادية للبنان.
اما وزير الشؤون الاجتماعية بيار ابو عاصي فقال: إنّ الوضع الخطر في طرابلس يطالنا جميعاً، خشية أن يتمدّد الترهل الاقتصادي والاجتماعي منها الى لبنان كله.
سفير الكويت عبدالعال سليمان القناعي شكر مؤسّسة الصفدي على أعمالها المثمرة.
سفير تركيا تشاغاتاي ارجيس قال: إنّ لبنان في قلوبنا ونحن الى جانبه وجانب طرابلس.
وإنّ أهم ما في هذا المؤتمر الإنمائي لمؤسّسة الصفدي أنه فتح الباب لمبادرة جادة ومدروسة ورصينة وعملية لانتشال طرابلس من واقعها المزري، وليس بالمزايدات والمبالغات والشعارات الفارغة… وليس على طريقة أحد زعماء المدينة الذي غمر طرابلس وأهلها بالوعود «الكمّونية» لتكون كلاماً بكلام… وهو الذي وعد بإقامة «بنك الفقراء» بــ25 مليون دولار… كما وعد بتحقيق خطة كهرباء طرابلس 24 على 24…
وبالرغم من كل التسهيلات التي أبدى الرئيس نبيه بري عن استعداد مجلس النواب لتسهيل تحويل تلك الوعود الى مشاريع فقوانين، وبالرغم من مرور السنوات الطويلة، الا انها بقيت وعوداً وبقيت المشاريع حبراً على ورق.
عوني الكعكي