يسلّط المجتمع الدولي الضوء أكثر فأكثر على منطقة الشمال وتحديداً عاصمتها طرابلس التي يزداد الاهتمام الاجنبي بها يوماً بعد يوم، بعدما شارفت الأزمة السورية على الانتهاء وبدأ الحديث عن اعادة إعمار سوريا.
زارت طرابلس في الأشهر الاخيرة بعثات دبلوماسية عربية واجنبية وسفراء معظم الدول أبرزها روسيا والصين اللتان من المرجّح ان تلعبا الدور الاكبر في عملية اعادة اعمار سوريا الى جانب حلفائهما في لبنان والخارج.
بالاضافة الى الاهتمام الملفت التي تحظى به طرابلس من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي اعلن مؤخرا عن اطلاق برنامج مالي لخلق فرص عمل في منطقة الشمال.
وكان مسؤولون في البنك الدولي قد شددوا خلال مقابلة مع «الجمهورية» على أهمية الدور الذي ستلعبه طرابلس في المرحلة القادمة خصوصاً المنطقة الاقتصادية الخاصة التابعة لها، والتي يتم العمل على استقطاب الشركات الاجنبية للاستثمار فيها.
في هذا الاطار، تحدث رئيس غرفة طرابلس ولبنان الشمالي توفيق دبوسي الى «الجمهورية» عن دور طرابلس المستقبلي في ظل الاهتمام الدولي الذي تحظى به اليوم.
• لماذا تعتبر انه يجب ان يكون لبنان منصّة لاعادة اعمار سوريا؟
إن الظروف القاسية المحيطة ببلدان الجوار العربي لا سيما سوريا والعراق الناجمة عن حروب التدمير التي تعاني منها منذ سنوات، جعلت من لبنان الذي ينعم بإستقرار ثابت، حاجة محورية لإنطلاق مشاريع البناء وإعادة الإعمار في تلك البلدان التي لا تزال تعاني من الحروب الطاحنة خصوصاً أن المجتمعين العربي والدولي باتا ينظران الى لبنان بإعتباره بلداً عربياً مجاوراً لتلك البلدان ويتمتع بميزات تفاضلية وبديناميكية يمتاز بها القطاع الخاص اللبناني المشهود له بالحيوية الرائدة.
ولكن أود أن الفت الى أنني كثيراً ما أؤكد أن لبنان بإمكانه أن يلعب دور المنصة من خلال طرابلس التي باتت حاجة عربية ودولية وموطناً للمستثمرين وأصحاب المشاريع الإعمارية وهذا ما أكده لنا رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية منها والأجنبية وكذلك ما تؤكده لنا الوفود الإقتصادية المتعددة الجنسيات.
• لماذا إعادة الإعمار بحاجة الى لبنان ولا يمكنها الاعتماد على المرافئ السورية؟
علينا أن نكون حذرين ونعتمد الدقة المتناهية في الإجابة على هذا النوع من الأسئلة لأن لا أحد يشكك في قدرات المرافىء السورية ولا حتى في دورها، وهي بطبيعة الحال معنية قبل غيرها بإعادة إعمار بلدها ولكننا لسنا هنا في معرض طرح المنافسة بين مرافىء البلدين الشقيقين، بقدر ما نشير الى ورشة الجهوزية اللوجستية التي يشهدها مرفأ طرابلس من لبنان، بإعتباره شريانا تجاريا، بات في قلب حركة النقل البحرية الدولية، وهذا ما اكده لنا أحد كبار رؤساء مجلس إدارة كبريات شركات النقل الروسية المتعددة الوجوه بحراً وبرا وجوا، والموثوقة من كبار المسؤولين في دولة روسيا الإتحادية والتي باتت تعتمد مرفأ طرابلس لإنطلاق حركتها التجارية منه واليه بدءاً من الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني من العام الجاري 2017، وذلك بفعل الميزات التفاضلية التي يتمتع بها لبنان بكل مناطقه وخاصة طرابلس التي تمتلك كل المقومات والقدرات والطاقات التي تساعد على إعتمادها رسمياً «عاصمة لبنان الإقتصادية».
• لماذا يهتمّ المجتمع الدولي بطرابلس تحديداً ويعوّل عليها من اجل اعادة الاعمار؟
إن تسابق المجتمع الدولي على الإهتمام بطرابلس يعود من الناحية الإستراتيجية الى الموقع الجغرافي الفريد الذي تتواجد فيه المدينة والذي يجعل منها محورية في توفير كل الخدمات والتسهيلات لكافة مكونات المجتمع الدولي، وهذه حقيقة أكد عليها السفير الصيني في لبنان كيجيانغ، إذ تشكل حلقة من حلقات طريق الحرير الذي رصدت له السلطات الصينية 6 تريليون من الدولارات، بإعتبار أنه مشروع إستراتيجي يمثل حزمة إقتصادية متكاملة تنطلق من الصين وتمر بطرابلس ومنها الى بلدان الجوار وصولاً حتى الى البلدان الأوروبية وكذلك الجانب الروسي الذي أكد على أهمية طرابلس معتبراً أن طرابلس مدينة كبيرة من حيث الدور والمكانة ومداها الجغرافي الأوسع.
دور روسيا
• كيف تقرأ الاهتمام الروسي واهتمام البنك الدولي بعاصمة الشمال طرابلس؟
نحن منذ البداية لدينا خارطة طريق نسير فيها على طريق الشراكة مع دولة روسيا الإتحادية وأن شراكة روسيا مع الجانب اللبناني هي شراكة واسعة الأرجاء، تمتد حتى تصل الى كل بلدان الإنتشار اللبناني، في كل قارات العالم، ولدينا إصرار على الإنتقال بالعلاقات الإقتصادية اللبنانية الروسية من مكان الى مكان آخر أكثر عمقاً وتقدماً.
وأود أن أشير في هذا السياق الى أن ما قامت وتقوم به غرفة طرابلس ولبنان الشمالي، من مبادرات على صعيد توثيق الروابط اللبنانية الروسية من زاوية ديناميكية وتطلعات وريادة القطاع الخاص، وعلى مدى 3 سنوات خلت إستطعنا عبر تلك المسيرة بناء أوسع شبكة علاقات لبنانية روسية على أعلى المستويات وقد شاهدنا المستوى التي وصلت اليها الإتفاقيات الرسمية مؤخراً والتي أبرمها الرئيس سعد الحريري مع الجانب روسي من خلال اللجنة العليا المشتركة اللبنانية الروسية، ونحن من جهتنا قمنا بتنظيم رحلات لرجال أعمال لبنانيين لا سيما التجار والمصدريّن منهم، لفتح الأسواق الروسية أمام الصادرات اللبنانية».
ولقد رأى السفير الروسي ألكسندر زاسبيكن خلال زيارته غرفة الشمال في الأمس القريب مناسبة تساعد على تقييم الوضع في طرابلس، وهي بكل تأكيد من العوامل المساعدة على تعزيز الشراكة، لأن هناك معطيات أساسية تلعب دوراً محورياً في تحريك العلاقات بإتجاه إيجابي، بالرغم من حالة الطوارىء التي تعيشها المنطقة والتي تمر بظروف حساسة، ولكننا نريد تطوير أطر التعاون بين بلدينا، لأن الإرادة السياسية متوفرة والسعي المشترك للوصول الى الأهداف المشتركة متوفر أيضاً ويساعد على الكثير من التفاهمات، وهي نتاج للمناخ العام السائد على أعلى المستويات اللبنانية الروسية والتي تمثلت بزيارة الرئيس سعد الحريري الى روسيا وإجتماعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك الإجتماعات التي جرت على مستوى الوزارت المختصة، لا سيما الطاقة والتنمية، وهذا يشكل أرضية جيدة لنشاطات متنوعة.
ونحن نؤكد من جانبنا اللبناني بأنه يتوجب علينا القيام بكل ما يمكن لتعزيز الشراكة اللبنانية الروسية، لأن روسيا الإتحادية باتت أسطورة في العلاقات الدولية، وما علينا نحن اللبنانيين في القطاعين العام والخاص إلا أن نتلقف هذه اللحظة التاريخية التي تنفتح فيها روسيا على كل مجتمعات العالم، وخاصة على لبنان من خلال المبادرة الإنقاذية المتمثلة بـ»طرابلس عاصمة لبنان الإقتصادية» التي أطلقناها ونصرّ عليها.
أما بالنسبة لمجموعة البنك الدولي وإهتماماته بطرابلس فالمسألة تمحورت حول تقريره المتعلق بالوظائف في طرابلس وشمال لبنان، والذي أطلقه مؤخراً من غرفة طرابلس ولبنان الشمالي، إذ تحدث التقرير عن وجود 14 عشر ألف وظيفة وفرصة عمل في منطقتنا، وأعتقد ان هذا الرقم سيتضاعف دون مبالغة حينما يتم الإعتماد الرسمي لمبادرتنا «طرابلس عاصمة لبنان الإقتصادية».