IMLebanon

طرابلس 2014: تقلّبات أمنية وتدهور إقتصادي

تُودّع طرابلس عام 2014، تحت وطأة أزمة اقتصاديّة كبيرة، ومستوى معيشي واجتماعي متدنٍّ، تخطَّت أرقامه الخطوط الحمر، لتُصبح العاصمة الثانية للبنان، أكثر المدن فقراً، وارتفاعاً في نسب البطالة، على ساحل المتوسط.

لا يحتاج المراقب أو المتابع لمجريات الأحداث في طرابلس خلال هذا العام، الى وقت كثير ليخرج بخلاصة، محورها أربعة عناوين رئيسة:

الأول، انتصار الفيحاء لمنطق الاعتدال والدولة في مواجهة منطق العصابات المسلّحة والدويلة.

الثاني، التزام أبناء المدينة النهج السياسي الذي يتّبعه تيار «المستقبل».

الثالث، دخول الرئيس نجيب ميقاتي في مواجهة مباشرة مع الرئيس سعد الحريري.

الرابع، تدهور اقتصادي لا مثيل له وارتفاع نسب الفقر والبطالة بشكل مخيف.

هذه العناوين، على أهميّتها، لم تحجب، حقيقة ولوج «العاصمة الثانية» عالم الانجاز والابداع، عبر طفلها العبقري محمد المير، والمخترع الشاب إيهاب الحلاّب، والمبتكر الشاب مصطفي قبضاكي.

ما هي أبرز المحطات التي طبعت طرابلس عام 2014؟

أولاً: أحداث امنية

في اليوم الثالث على بداية عام 2014، أحرقت مكتبة «السائح» التاريخية، التي يملكها الأب ابراهيم سروج، وبعدها بأسبوعين تقريباً اندلعت جولة اشتباكات جديدة بين باب التبانة وجبل محسن أوقعت 7 شهداء و58 جريحاً.

ثم انطلقت بعد شهرين، جولة جديدة بين التبانة والجبل، استعملت فيها كلّ أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ليشهد أبناء المدينة أعنف الجولات على الإطلاق والتي ذهب ضحيتها 11 شهيداً و55 جريحاً، وكانت تلك هي آخر جولات العنف بين المنطقتين.

في الأول من نيسان، أعلنت حكومة الرئيس تمام سلام تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس، وكان من نتائجها فرار رئيس «الحزب العربي الديموقراطي» رفعت عيد من لبنان، وتسليم معظم قادة المحاور في التبانة أنفسهم الى الدولة.

بعد استتباب الوضع الأمني في الفيحاء، قدّم الرئيس سعد الحريري في 13 أيار هبة عينية إلى الحكومة لإعادة ترميم شارع سوريا. وفي 27 منه، عقد لقاء روحي إسلاميّ – مسيحيّ بمبادرة من دار الافتاء في طرابلس، ليفتتح بعد ثلاثة أيام مسجد التقوى، بعد ترميمه وصيانته، إثر الانفجار الذي دوّى أمامه في آب 2013.

عاشت طرابلس أربعة أشهر من الهدوء والاستقرار، إلّا أنه وقبل نهاية تموز الماضي اجتازت المدينة قطوعاً أمنيّاً كاد يشكل خطراً على استقرار المدينة وخطتها الأمنية، تمثل بوقوع اشتباكات متفرقة بين الجيش وبعض المسلحين، إثر توقيف المطلوب حسام الصباغ عند حاجز للجيش في منطقة أبي سمراء.

في الوقت نفسه، كانت شعبة المعلومات تدهم شقة المطلوب في قضية التفجيرات الانتحارية منذر الحسن، ما أدى إلى مقتله إثر تبادل لاطلاق النار. وبعد ذلك بأسبوعين، دوّى انفجار في محلة الخناق، ذهب ضحيته شهيد وسبعة جرحى.

شهران ونيّف، كانا كفيلين بإعادة عقارب الساعة الى الوراء. فبعد العملية الأمنية النوعية والمحكمة التي نفّذها الجيش وأدت الى تدمير خليّة عاصون الارهابيّة في الضنّية، اندلعت اشتباكات بين مجموعات مسلحة والجيش في الأسواق القديمة في طرابلس والمنية وعكار، أعلن إثرها مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار تأجيل انعقاد المؤتمر الاسلامي – المسيحي.

بعدها، أقرّ مجلس الوزراء مبلغ 30 مليار ليرة كتعويضات لإعادة تأهيل وانماء المناطق المتضررة نتيجة الاشتباكات الأخيرة، كما أعلن الحريري في اليوم نفسه، تخصيص مبلغ 20 مليون دولار كهبة للمناطق المنكوبة.

ثانياً: أحداث سياسية

كان نصيب طرابلس مع الحكومة العتيدة برئاسة تمام سلام وافراً نوعاً ما من خلال ثلاثة وزراء: العدل اللواء أشرف ريفي، الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، والمهجرين أليس شبطيني.

في الأسبوع الأول من نيسان، حقّقت قوى «14 آذار» فوزاً كاسحاً في انتخابات نقابة المهندسين في طرابلس عبر فوز المهندس ماريوس بعيني بمركز النقيب. وبعد شهر تقريباً، عُيّن القاضي رمزي نهرا محافظاً للشمال، وابن طرابلس بشير خضر محافظاً لبعلبك – الهرمل.

في آخر أيام شهر آب، استفاق الطرابلسيون على عبارة «دولة الاسلام قادمة»، مكتوبة على جدران عدد من الكنائس في طرابلس والميناء، لكنّ مخابرات الجيش أوقفت الفاعل بعد أيام.

في تشرين الثاني الماضي، حقّق تيار «المستقبل» ومعه قوى «14 آذار» فوزاً مهماً في انتخابات كلٍّ من نقابة المحامين في طرابلس عبر فوز المحامي فهد المقدم بمركز النقيب، وانتخابات نقابة أطباء الأسنان من خلال انتخاب الدكتور أديب زكريا لمركز النقيب.

وقبل أسبوعين من إسدال الستارة على هذا العام، زار الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري طرابلس وشملت جولته مناطق الحارة البرانية والتبانة والأسواق القديمة.

كما شهدت طرابلس هجوماً مفاجئاً وغير مسبوق من الرئيس ميقاتي على تيار «المستقبل» والرئيس الحريري، في إطلالته الإعلامية الأخيرة، ثم عبر «تويتر» فور الاعلان عن عقد أولى جلسات الحوار بين التيار و»حزب الله». وخلال هذا العام، أعلن عن ولادة «الحزب الدستوري الديموقراطي» برئاسة الباحث والأكاديمي الدكتور محمد سلهب.

ثالثاً: أحداث متفرّقة

على رغم الأحداث الأمنية والسياسية الضاغطة على طرابلس، إلّا أنّ هذا العام لم يخلُ من نشاطات وأحداث ترفيهية، كان أوّلها وأهمها مهرجان الفيحاء الرياضي الذي نظّمته ثانوية روضة الفيحاء على أرض معرض رشيد كرامي الدولي. بعدها بأيام قليلة، وتحت رعاية بلدية طرابلس احتفل بـ«يوم طرابلس». وفي شهر أيار، نظّمت جمعية «معاً من أجل لبنان» سباق نصف ماراتون طرابلس الدولي الخامس تحت شعار «حنضل نركض للسلام».

وفي سابقة تاريخية، تأهل فريقان من محافظة الشمال الى المباراة النهائية من مسابقة كأس لبنان جمعت ناديَي السلام زغرتا وطرابلس، انتهت لمصلحة الفريق الزغرتاوي، الذي حمل لقب البطولة للمرة الأولى في تاريخه.

وحفل هذا العام بموجة اعتراضات، نتيجة قرار رئيس بلدية طرابلس نادر الغزال ازالة لوحة اعلانات البيرة عن شوارع المدينة.

كما شهد عام 2014 وفاة النائب السابق أحمد حبوس نتيجة اصابته بطلق ناري، ورئيس بلدية طرابلس السابق العميد المتقاعد سمير الشعراني، وتدهور الحال الصحّية للرئيس عمر كرامي.

ثمّة من يقول، إنّ عاصمة الشمال تودّع هذا العام، على وقع آمال ووعود، بأن تكون السنة الجديدة، سنة الإنجازات، والاستقرار السياسيّ والأمنيّ، وإعادة تفعيل الحركة الاقتصادية، وزيادة الإنتاجية، فضلاً عن توفير المناخ الإيجابيّ لجذب الاستثمارات الخارجية.