عندما سحبت بلدية طرابلس الثقة من رئيس بلديتها الأسبق أحمد قمر الدين، في 16 تموز الماضي، انتقل منصب رئيس اتحاد بلديات الفيحاء تلقائياً إلى نائب الرئيس، أي رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين. لكن الأخير بقي يمارس مهام رئيس الاتحاد حتى بعد انتخاب رياض يمق رئيساً لبلدية طرابلس في الأول من شهر آب الماضي.
منذ انتخاب يمق ارتفعت أصوات في طرابلس مطالبة بانتخابه رئيساً لاتحاد بلديات الفيحاء، التزاماً بالعرف الذي يقضي بأن يكون رئيس بلدية طرابلس هو رئيس الاتحاد، ورئيس بلدية الميناء هو نائب الرئيس، خاصة أن هذا العرف لم يُكسر منذ تأسيس الاتحاد في 25 أيار عام 1982 (كان يضم حينها ثلاث بلديات هي: طرابلس والميناء والبداوي، قبل أن تنضم إليه بلدية القلمون عام 2014، وهو العام الذي شهد ولادة بلدية وادي النحلة بعد انفصالها عن البداوي، لكنها لم تلتحق بعد باتحاد بلديات الفيحاء رغم تقديمها طلباً للانضمام إليه).
الاعتراض الطرابلسي على تولي علم الدين منصب رئيس الاتحاد، ولو بالتكليف، جعله يُقدّم قبل قرابة أسبوعين استقالته من منصبه، في كتاب وجهه إلى محافظ الشمال رمزي نهرا، واضعاً بذلك حدّاً للسجال الذي دار بهذا الخصوص، ومفسحاً في المجال أمام انتخاب رئيس جديد، بانتظار أن يحدد نهرا موعداً لجلسة الانتخاب.
علم الدين قال لـ«الأخبار» إن «قانون اتحاد البلديات ملغوم، فهو لا يقول بانتخاب رئيس جديد للاتحاد إذا شغر المنصب في ظل وجود نائب للرئيس يُصرّف الأعمال، وبالتالي فإن المنصب ليس شاغراً عملياً. ولكن حصلت ضجّة في طرابلس دفعت البعض لاتهامي بأني سلبت حقاً مكتسباً من حقوق طرابلس، وأن رئاسة الاتحاد هي لبلدية طرابلس، وليست من حق أي بلدية أخرى في الاتحاد».
ويلفت علم الدين إلى أنه «لم يكن بالإمكان انتخاب يمق رئيساً للاتحاد إلا باستقالتي، فقمت بتقديم هذه الاستقالة قبل أيام إلى محافظ الشمال، الذي بات تحديد موعد جلسة لانتخاب يمق رئيساً للاتحاد في يده». وينفي علم الدين أن تكون ضغوط سياسية قد مورست عليه لتقديم استقالته، إنما يعبّر عن أسفه للحملة التي شنّت ضده على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أنه «رأيت خلال فترة تولي مهام رئاسة الاتحاد عجائب الدنيا السبع»، غير أنه فضّل عدم الحديث عنها حالياً، مكتفياً بالقول إن «القانون أعطى اتحادات البلديات صلاحيات أكبر من دورها وأكبر من صلاحيات البلديات، بما فيها البلديات الكبرى».
قرار علم الدين بتقديم استقالته جاء بعد مواقف تصعيدية لافتة أدلى بها يمق، إذ أعلن أن بلدية طرابلس «قررت إيقاف المدفوعات المالية للاتحاد»، مشيراً إلى أنها «تدرس الاحتمالات كافة، منها تجميد عضوية بلدية طرابلس فيه أو الانسحاب منه»، مطالباً نهرا «بتحديد موعد لانتخاب رئيس جديد للاتحاد، وإلا سنتوجه إلى وزارة الداخلية كي تبت هي في الموضوع».
هكذا طلب كان وجهه أيضاً عضو بلدية طرابلس نور الأيوبي إلى نهرا في كتاب رفعه إليه في 13 أيلول الجاري، اعتبر فيه أن «عدم دعوة أعضاء الاتحاد للاجتماع وانتخاب رئيس جديد له، يؤثر سلباً على مجمل مدن الاتحاد قاطبة، ويشعر معه أبناء مدينة طرابلس بالغبن والاستخفاف بموقع مدينتهم بين شقيقاتها مدن الاتحاد».
الأيوبي الذي أوضح لـ«الأخبار” أنه «يوجد تلكؤ من المحافظ في تحديد موعد لانتخاب رئيس للاتحاد لأسباب نجهلها»، يشير إلى أنه «نسمع منذ فترة البعض يقول لننتظر ممارسة يمق في رئاسة بلدية طرابلس، فإذا نجح نعطيه رئاسة الاتحاد».
وعن تلويح يمق بإيقاف المدفوعات المالية للاتحاد، وتجميد عضوية بلدية طرابلس فيه أو الانسحاب منه، يقول الأيوبي إنه «لا يمكن لبلدية طرابلس أن توقف دفع مستحقاتها المالية للاتحاد، لأن الأموال تحوّل مباشرة من وزارة المال إلى صندوقه، كما قال إن الانسحاب من «الاتحاد ليس مزحة، ولا يمكن لأحد القبول به أو السير فيه».
ومع أن انتخاب رئيس جديد لاتحاد بلديات الفيحاء بات مسألة وقت، فإنه يُبدي شكوكاً لجهة إمكانية عدم انتخاب يمق رئيساً له، لأنه في حال قرر علم الدين الترشح وحصل على صوت إضافي إلى جانب صوته، من بلدية البداوي أو بلدية القلمون فإنه سيصبح رئيساً للاتحاد لأنه الأكبر سنّاً، وهذا سيناريو موجود على الورق وهو قانوني، أما تحقيقه وتطبيقه على أرض الواقع فأمر آخر».