Site icon IMLebanon

طرابلس: اعتراضات على «توافق المصالح»

تواتر الأنباء عن توافق القوى السياسية الطرابلسية على الانتخابات البلدية أثار ارتياحاً نسبياً بين أهالي المدينة. لكن سرعان ما حل الذهول والغضب بعدما تسرّبت أسماء غالبية أعضاء اللائحة التوافقية الذين تبيّن أن غالبيتهم تنقصهم الخبرة التي يعوّل عليها الطرابلسيون للنهوض بمدينتهم، بعد تجربة 2010 الفاشلة.

ومع أن أحداً من السياسيين لم يتبنَّ اللوائح المسرّبة، فإنها اعتُبرت عملية جس نبض للرأي العام لمعرفة ردود الفعل عليها. واللافت أن معظم الأسماء ينتمون إلى «الطبقة البورجوازية» التي تقيم في الجزء الغربي الحديث من المدينة، فيما خلت من أي اسم لممثلين عن القسم الشرقي الذي يضم نحو ثلثي سكان المدينة ويشمل فقراءها وأحياءها الشعبية. وهذا ما كان موضع انتقاد واسع في الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً في المناطق الأكثر فقراً وشعبية كباب التبانة والقبة وباب الرمل والأسواق القديمة. وطُرحت أسئلة من نوع: «هل زار أغلب هؤلاء مناطقنا وعايشوا مشاكلنا، وهل يعرفون عنها شيئاً؟».

كذلك أظهرت التسريبات تناقضاً واضحاً بين كلام السياسيين وأفعالهم. ففي حين كانت غالبيتهم تؤكد أنها ستترك لرئيس البلدية التوافقي عزام عويضة حرية تشكيل فريق عمله من أعضاء البلدية، تبيّن أن الأخير كان آخر من يعلم بأسماء أعضاء لائحته التي وضعها النواب والسياسيون. وعلمت «الأخبار» أن بازار الأسماء كان يتغير على مدار الساعة في اللقاءات التي كانت تعقد في منزلي الرئيس نجيب ميقاتي والنائب أحمد كرامي، تلبية لمطالبات البعض أو تهدئة لاعتراضات البعض الآخر.

على عكس الادّعاءات: محاصصة ومحسوبيات واستبعاد تمثيل المناطق الشعبية

ورغم تأكيدات السياسيين رفضهم للمحاصصة، بدا واضحاً أن معظم الأعضاء المرشحين محسوبون على أطراف سياسية، وبعضها حزبي صرف (الجماعة الإسلامية والاحباش والأعضاء المسيحيون)، ما أثار موجة اعتراضات داخل صفوف التيّارات السياسية في المدينة.

ونقل عن النائب أحمد كرامي رفضه استبعاد تمثيل المناطق الشعبية، في موازاة ظهور بوادر تململ بين كوادر تيار المستقبل ومناصريه، رجّح كثيرون أن «يدفعهم إما إلى مقاطعة الانتخابات أو الالتحاق بركب وزير العدل أشرف ريفي إذا قام بتأليف لائحة منافسة».

وأثار الانطباع الأوّلي، بأن أعضاء لائحة عويضة يشكلون فريقاً غير منسجم وتنقصه الخبرة، نقمة واسعة وتساؤلات عن سبب عدم إبقاء بعض أعضاء المجلس السابق ممن عرفوا بنظافة الكف وخبرتهم وكفاءتهم. وهو ما فسّرته مصادر متعددة لـ «الأخبار» بأنه «لم يكن اعتباطياً، بل هو مدروس بعناية، لأن هناك مشاريع جاهزة التمويل وتحتاج فقط إلى تلزيم ومباشرة التنفيذ، والمطلوب من المجلس البلدي المقبل الموافقة عليها بلا وجع رأس، كما حصل مع مشروع مرأب سيارات ساحة التل، والموافقة على تلزيمها لشركات ومتعهدين موزعين على الطبقة السياسية. ومن أبرز هذه المشاريع: عدادات وقوف السيارات، المسلخ، مشروع البنى التحتية في السقي الشمالي من المدينة، الجزء الثاني من البنى التحتية في بقية أحياء المدينة، جمع النفايات ومعالجة مكب النفايات».

كذلك توقفت مصادر سياسية عند تسمية عمر الحلاب، المقرّب من تيار المستقبل والذي كان مرشحاً للرئاسة، في عداد الأعضاء. واعتبرت تسمية الحلاب «بمثابة وضع لغم إلى جانب عويضة، وعند أول انتكاسة أو دعسة ناقصة يرتكبها الأخير سيكون جاهزاً للحلول مكانه، بهدف تنفيذ مهمته الأساسية التي رشح على أساسها، وهي موافقة البلدية على مشروعي ردم البحر عند المدخل الجنوبي لطرابلس، وإقامة مشاريع سياحية وتجارية فوق المناطق المردومة لصالح شركات مملوكة من قبل أفراد الطبقة السياسية وشركائهم من كبار المتمولين والأغنياء».

وسط هذه الأجواء، رجّحت مصادر متابعة أن يتأخر إعلان لائحة التوافق، بعدما لمس السياسيون ردود الفعل الغاضبة، واحتقاناً في مناطق وأحياء عدّة لا تحتاج سوى إلى من يقودها ويؤطر سخطها لتوجيه ضربة قاسية إلى توافق لم يبحث أصحابه سوى عن مصالحهم الشخصية، ولو على حساب المدينة وناسها.