سيمرّ وقت طويل قبل أن يتوقف النقاش حول تحليل ما أفضت إليه انتخابات بلدية طرابلس، وتقييم الأطراف المعنية فيها لمكامن القوة والضعف
بدأت القوى السياسية في طرابلس، مع ظهور نتائج الانتخابات البلدية، تحليل الأسباب التي أدّت إلى الفوز الكاسح (16 عضواً) للائحة قرار طرابلس المدعومة من الوزير أشرف ريفي، لدرس حسابات الربح والخسارة ومكامن الخلل قبل أن يدهمها استحقاق الانتخابات النيابية بعد حوالى سنة، في حال أُجريت في موعدها.
على جبهة الرابحين، ينتظر أن يحاول ريفي “تقريش” فوزه في السياسة بعدما أثبت أنه رقم صعب في المدينة، وأن إسقاطه من حسابات البعض كان خطأً سياسياً غالي الثمن. إلا أن هذا الربح سيشكّل، في الوقت نفسه، عبئاً ثقيلاً على وزير العدل المستقيل، إذ إن المجلس البلدي الجديد المحسوب عليه يفتقد الرؤية وخطة العمل وتتنازع أعضاءه مصالح متناقضة، وهو سيواجه قضايا معقدة كثيرة سيحمّله خصومه مسؤولية حلها، ولن يفوّتوا فرصة لوضع العصيّ في دواليبه.
أما جبهة الخاسرين، فيتقدمها الرئيس سعد الحريري بعدما خرج من تحت عباءته من بات ينازعه على زعامة الطائفة السنية. وهو بعدما كان يعتقد بأن زعامته قابلة للامتداد الى “سنّة” سوريا والمنطقة، استفاق على عجزه عن إنجاح عضو بلدي أو مختار في “عاصمة السنّة” في لبنان إلا بشقّ النفس.
الفوز الكبير لريفي سيشكّل عبئاً ثقيلاً عليه في مواجهة مشاكل المدينة
والى جانب الحريري، يصطفّ الرئيس نجيب ميقاتي الذي لم يستطع تشكيل حالة سياسية أو تكوين عصب حوله، رغم مضيّ نحو 18 سنة على دخوله الحياة السياسية في لبنان، ورغم امتلاكه إمكانات مالية ضخمة. ولأن ميقاتي فضّل دائماً الدخول في تسويات بدل المواجهة، فقد فوّت أكثر من فرصة لتكريس نفسه زعيماً في مدينته، وبالتالي طائفته. ومقارنة بالحريري، فإن خسارته ستكون ثقيلة جداً، كون الأخير يمتلك نفوذاً في مناطق أخرى يمكن أن تعوّض خسارته الطرابلسية، فيما يقتصر حضور ميقاتي على عاصمة الشمال، ولن يكون سهلاً تعويض خسارته فيها، خصوصاً أن كثيرين يُحمّلونه المسؤولية الأكبر عن هذه الخسارة.
ويدخل النائب محمد الصفدي في قائمة الخاسرين بعدما فقد الكثير من الزخم الذي رافق دخوله الحياة السياسية قبل 16 عاماً، ونتيجة ابتعاده عن الأضواء وعن شرائح اجتماعية واسعة في السنوات الأخيرة.
وبين الخاسرين، أيضاً، الوزير السابق فيصل كرامي الذي كانت بلدية طرابلس تدور دائماً في فلك النفوذ السياسي لعائلته. لكن ما يقلل من وقع الخسارة على كرامي أن قاعدته الشعبية وعصبه السياسي بقيا صامدين، وأن الخلل الذي أدى إلى هذه الخسارة مردّه إلى عدم فعالية الماكينات الانتخابية لحلفائه الذين لم يستمعوا لنبض الشارع.
وفي القائمة أيضاً الجماعة الإسلامية وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش)، إذ إن تحالفهما ــــ رغم التباعد الفكري والفقهي بينهما والذي وصل حدّ التكفير المتبادل ــــ لم يقنع أحداً. كذلك فإن دخولهما في تسويات سياسية وانتخابية مؤقتة ونفعية، كان له مردود سلبي على جمهوريهما معاً، وعلى شرائح عديدة في المدينة لم تهضم تحالفهما ولم تأخذه على محمل الجدّ.
«انتماءات» الأعضاء الثمانية
توزّع إنتماء الأعضاء الثمانية الذين فازوا في لائحة “لِطرابلس”، المدعومة من قوى التحالف، على الشكل التالي: أحمد حمزة (مقرب من الرئيس نجيب ميقاتي ومن النائب أحمد كرامي)، عزام عويضة (نجيب ميقاتي)، شادي نشابة (مقرّب من فؤاد السنيورة ومن مقاتي)، رشا سنكري (14 آذار، وهي السيدة الوحيدة في المجلس)، صفوح يكن (إسلامي مقرب من ميقاتي)، محي الدين بقار (نجيب ميقاتي)، عبد الحميد كريمة (فيصل كرامي) وباسم بخاش (كان مقرباً من تيار المستقبل قبل أن ينتقل إلى صفوف ميقاتي).