Site icon IMLebanon

الزلزال الطرابلسي

حضر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الى مؤتمره الصحافي، وهو رابط الجأش، يزن كلماته قبل أن يتفوّه بها، وراح يطلق أحكامه كسياسي من خارج عالمهم، وراح يعلن نتائج المرحلة الرابعة من الانتخابات البلدية.

كان أمامه وفي ذهنه، عنصران: الزلزال الطرابلسي، ومحنة انهيار سمعة زعماء المحور الأقوى، أمام تعاظم القوة الأضعف.

وتكلم بهدوء وروية وحنكة لا تتوافر للسياسي، إلاّ اذا رافقها غنى لا يكون عادة إلاّ في حوزة المفكر الذي بلغ أربه الحضاري.

كان نهاد المشنوق يتكلم وكأنه يقرأ أفكاراً مكتوبة على ورقة بيضاء، لا يحبّ أن يخدش شعور أحد ولا كرامته.

ماذا كان أمامه، على الورقة البيضاء وهي خاوية من أي حرف أو سطر أو كلمات.

والمقصود هو الزلزال الكبير الذي أحدثه انتصار وزير العدل المستقيل من الحكومة، وغير المستقيل عن تمثيل أي دور سياسي، أشرف ريفي.

عندما اقترب موعد معركة طرابلس ضاع الناس في الرأي والرؤية، عن أبعاد معركة مجهولة المصير والأبعاد.

وفجأة اتفق زعماء طرابلس، مع الزعيم اللبناني القادم من صيدا الى بيروت، على التوافق.

بمعنى ان الزعيم الطرابلسي نجيب ميقاتي اتفق مع الزعيم اللبناني سعد الحريري، على لائحة واحدة لكل المدينة.

وعندما طلع الضوء، تبين أن معظم زعماء الفيحاء بمن فيهم الصفدي والميقاتي والكراميان الوزيران السابقان فيصل واحمد كرامي قد سقطوا، ليفوز معظم المرشحين على لائحة الوزير المستقيل.

ماذا حدث؟

هل صار زعماء بيروت وطرابلس وصيدا ضعفاء الى حدود الرسوب أمام نجاحات الوزير المستقيل أشرف ريفي.

كان السياسيون يتوقعون أن يخرق الوزير ريفي بمرشح، فاذا به يخرق اللائحة المنافسة بعشرين مرشحاً.

الكبار رسبوا في الامتحان.

والوزير ريفي يبحث عن مخرج سياسي، ليعيد التواصل مع زعيمه سعد الحريري.

هل التطرّف تفوّق في مدينة العلم والفضيلة والخُلُق على التعقّل.

والذين ربحوا ليسوا صغاراً، بل كبار وان خطفهم التعصّب أو جذبهم التطرّف، في وقت يحتاج فيه الانسان في مدينة الطموح والعلم، الى جاذب للتعقّل.

لا أحد يحبّ ان يتم تصنيف اللواء أشرف ريفي بصفات التعصّب والتطرّف والتهوّر، فهو قال علناً إنه واحد من رموز العيش الواحد في مدينة العيش المشترك.

إلاّ أن اللواء ريفي، قد تذهب منه وزارة العدل، لكنه يبقى مثالاً يحتذى في الصبر والتعقّل.

ماذا يبقى من مدينة أشرف ريفي، اذا بقي وزيراً بلا حقيبة وازنة.

وماذا يبقى لطرابلس من صفات يحتذى بها، اذا ما فقدت خصال العيش المشترك، واختفت منها ظاهرة التعايش؟