يتردد في ملف الجامعة اللبنانية في طرابلس ان طلابها تظاهروا واعتصموا لأن مدير الكلية من الطائفة المسيحية، وأعتبر أحد تلامذته أن المدير لا يمثل نسيج طرابلس، وكأن جامعة رسمية تابعة للدولة يجب ان تختار مديراً مقرّباً من الناخبين!
صحيح أنه تم التوصل أمس الى حل مع وزير التربية من أجل إكمال العام الدراسي، لكننا نأمل الا تكون معالجة الأمر طائفية، ولأنه إذا اصبح شباب مثقفون على هذا النمط من التفكير فيجب اعلان حالة طوارىء للوضع التربوي والاكاديمي والتعليمي.
لنعترف بأن العقلية اللبنانية تتراجع وتنحدر معها ثقافة الانفتاح. ويجب ألا نخفي الحقيقة ونتعامى عن خطورة الوضع. فالروح الرياضية مفقودة في الملاعب، والتعصب الذي لا يسمح ببناء مجتمع سليم أصبح حالة قائمة، والاعتراف بها هو المدخل لحل المشكلة بالخيار الصائب اكثر من الاختباء وراء الشعارات والديبلوماسية.
الاعلام أصبح إعلاماً لا يمكنه ان يجذب المشاهد الا بالفضائح والخبر الخفيف!
والثقافة تدنت والندوات الثقافية والمعارض لا تلقى جمهوراً بقدر ما يلقى جمهور الأكل والنارجيلة.
نعم، الرياضة تراجعت وغالبية الملاعب تحولت ملاعب ملاكمة!
نعم، السياسة والسياسيون تراجعوا ولا مَن يطرح رؤية مستقبلية متقدمة.
فأين الحوار بطريقة راقية؟ ومن يعمل لتغيير الوضع؟
وأين الاحزاب الجديدة؟ وأين الشباب؟ وأين الاصوات القوية التي كانت تفتح باب الأمل؟
أين من يجب ان يعلّم شبابنا مبادىء التعايش ويوجّههم نحو الثقافة والحضارة؟
ماذا تبقى لنا اليوم؟
بكل صراحة، ما تبقى هو المبادرات الفردية وبعض المنظمات والمؤسسات وبعض القطاعات التي ما زالت تجعل من لبنان بلداً يقاوم السقوط .
يبقى الأمل في بعض الاعلاميين الذين يصارعون لإبقاء برامجهم مفيدة وقدوة، رغم أنهم يعلمون ان المبتذل والرخيص أصبح يجذب أكثر!
الأمل في بعض السياسيين الذين ما زالوا على صعيد فردي يعملون ليطوروا وزاراتهم قدر المستطاع، ضمن الامكانات، وخصوصاً ان لا إرادة شاملة وقوية للاصلاح والتجديد وتطوير! لكن على هؤلاء الا يستسلموا لأنهم كل ما بقي من صورة جميلة عن لبنان واللبنانيين.
وعلى جميع هؤلاء ربما ان يجتمعوا ويوحّدوا طاقاتهم لتكون اعمالهم مثالاً للاجيال الجديدة وليتمكنوا من ترجمتها في شكل أكثر فاعلية.
فاليوم هذه هي الطريق الوحيدة للتطور في ظل المرتهنين للخارج، وملوك الطوائف، والتدني الذي لم نشهد مثله.