Site icon IMLebanon

انتصر بوتين…  وفاز ترامب!

ليس من المفاجئ أن يفوز المرشح ترامب بالرئاسة في نهاية المطاف، فهو الأقرب لحالة الانحطاط السياسي داخل أميركا وخارجها في العالم. وهو كذلك الأقرب الى تنفيذ المخططات الجنونية المرسومة التي لا يمكن تنفيذها إلاّ على يدي مجنون!

الأنوار ٢٧/٩/٢٠١٦

هذا ما كتبناه بالنص الحرفي في هذه الزاوية في ذلك التاريخ، وكان يوم ثلاثاء سبق يوم الثلاثاء العظيم ب ٤٢ يوما قبل اجراء انتخابات الرئاسة الأميركية في الثامن من نوفمبر

/ تشرين الثاني ٢٠١٦.

الزلزال الأميركي هو أمّ الزلازل في العالم! واذا لم يكن فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية زلزالا، فماذا يكون؟! وكم من حكام وعواصم سهروا حتى انبلاج الفجر، وبخاصة في العالم العربي والشرق الأوسط، لمتابعة النتائج وعمليات الفرز المثيرة والمتقلبة، لمعرفة من سيفوز في السباق الى البيت الأبيض، وهم يشعرون بالتوتر والقلق على المستقبل، جنبا الى جنب مع هواجس المواطن الأميركي، وأسوة به. مع الفارق بأن المواطن يحمل الجنسية الأميركية ويدين بالولاء لأميركا، أما الحكام وما أكثرهم، فانهم يشاركون في الولاء نفسه ولكن دون الجنسية الأميركية!

***

الزلزال الأميركي أحدث دويا هائلا داخل أميركا وخارجها. وطوفان التحليلات والتفسيرات والتوقعات سيعمّ العالم، وبالأخص في منطقتنا. ونبدأ من حيث يجب أن نبدأ: من لبنان. المفارقة الموحية هي أن حالة لبنانية خيّمت على مناخ معركة الرئاسة الأميركية. والشبه بين الحالتين تجلّى في ثلاثة مواقع على الأخص. أولا، بنتيجة المعركة الرئاسية الطويلة والطاحنة فاز بالرئاسة الرجل الذي كان آخر من يتوقعون فوزه: عون في لبنان، وترامب في أميركا! ثانيا، كان شعار الرئيس القوي هو عنوان معركة عون في لبنان وترامب في أميركا! ثالثا،كما هدّد التيار العوني بالزحف على قصر بعبدا، اذا لم يتم انتخاب عون رئيسا، كذلك هدّد ترامب بالزحف على البيت الأبيض اذا لم يفز بترشيح الحزب الجمهوري له في السباق الرئاسي!

***

أكبر منتصر في العالم هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بفوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية! وقد بادر بوتين بكثير من الدهاء باطراء المرشح ترامب في أشدّ ظروف زنقته في المعركة السياسية والاعلامية في السباق الرئاسي. وبوتين الذي يعرف بعمق الشخصية الأميركية ودهاليز النظام الأميركي ومفاصله ونقاط قوته وضعفه، اختار التعاطف مع ترامب الجمهوري، في ضوء تجربة تعامله الطويل والشائك مع باراك أوباما الديمقراطي، وقبله مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون المرشحة الديموقراطية للرئاسة! وصف بوتين متحدثا عن ترامب بأنه شخصية لامعة وبارزة وانه رجل موهوب دون شك. وردّ ترامب التحيّة بمثلها، ووصف بوتين بأنه شخصية تحظى باحترام كبير… وقال ان بوتين زعيم أذكى وأقدر من رئيسنا أوباما، وانه مستعد لتوجيه دعوة اليه لزيارة واشنطن اذا فاز بالرئاسة. وأثنى على جهود بوتين في سوريا، وقال ان التوصل الى اتفاق مع روسيا سيترك أثره الايجابي على العالم…

***

رابح آخر محتمل من فوز ترامب بالرئاسة في ضوء مواقفه المعلنة خلال الحملة الرئاسية، هو سوريا والرئيس بشار الأسد. ومما قاله ترامب في حينه المشكلة الكبيرة في سوريا ليست متمثلة بالأسد بل بتنظيم الدولة الاسلامية داعش. ووصف سعي أوباما لرحيل الأسد بحلّ سياسي بأنه ضرب من الجنون والحماقة! وان التعاون مع روسيا يساعد على هزيمة الارهاب الداعشي. وأضاف موضحا: أنا لا أقول ان الأسد رجل جيّد لأنه ليس كذلك، ولكن مشكلتنا الكبيرة ليست متمثلة بالأسد بل بتنظيم الدولة الاسلامية.

***

طرفان في الشرق الأوسط يثير قلقهما الجدّي فوز ترامب بالرئاسة، في ضوء مواقفه المعلنة خلال الحملة الرئاسية. وهذان الطرفان هما: ايران ودول مجلس التعاون الخليجي. ووصف ترامب ايران بأنها دولة محتلة من خلال تدخلاتها في العراق. واعتبر انها تموّل الارهاب لزعزعة استقرار الشرق الأوسط. وانه لا يمكن الموافقة على اتفاق نووي مع دولة تموّل الارهاب مثل ايران! أما بالنسبة الى دول الخليج العربية، فقد خرج ترامب بنظرية تشبه فرض الجزية عليها، لقاء ما تقوم به أميركا من حماية لأمنها، ويطالبها بدفع أموال ومصالح أخرى لقاء ذلك! ونظرية الجزية تنطبق أيضا على بلدان غيرها في أوروبا مثل المانيا، وفي آسيا، بتحميلها كلفة الانتشار العسكري الأميركي!

***

الزلزال الذي أحدثه فوز ترامب سيترك آثاره المؤذية في الداخل الأميركي، وفي مقدمتها تصدّعات عمودية وأفقية في النظام، اضافة الى مضاعفات غير محسوبة لأزمة الهوية في أميركا، مع انهيارات في مصداقية الاعلام ووسائل استطلاع الرأي العام، التي يمكن اتهامها بأنها قامت خلال الحملة بعملية غش واحتيال ونصب عبر مكاسب الاعلان! وأظهرت عشرة استطلاعات للرأي توقعات بفوز هيلاري كلينتون، واستطلاع واحد فقط توقع فوز ترامب.

***

حالة استطلاع الرأس لدى البشر الأميركيين اختلفت عن حالة الاستطلاع والتوقعات لدى الحيوانات في العالم، وكانت أكثر مصداقية من الاستطلاعات الأميركية. وغالبية الحيوانات توقعت فوز ترامب ما عدا واحدا منها… الدبّ الروسي والقرد الصيني والسمكة الهندية توقعت فوز ترامب، أما نمر روسي آخر فتوقع فوز كلينتون! والمفارقة هي عدم اشراك الفيل وهو شعار الجمهوريين، والحمار وهو شعار الديموقراطيين، بمثل هذه التوقعات!