يمكن للأمين العام الجديد لـ «حزب الطاشناق» النائب هاكوب بقرادونيان وللجنته المركزية الجديدة ان يفاخروا باستقطابهم جميع القوى والأحزاب اللبنانية في مقر «حزب الطاشناق» في برج حمود. بالأمس كان موعد وفد من «القوات اللبنانية» و «تجمع العلماء المسلمين».
واذا كان اللقاء بين «الطاشناق» و «تجمع العلماء» يندرج تحت بند المجاملات اللبنانية من دون تماس سياسي يُذكر، فإن اللقاء مع «القوات» له اعتبارات وقراءات مختلفة.
ضم وفد «القوات» كلاً من: النائب فادي كرم، منسق منطقة بيروت عماد واكيم، مستشار رئيس الحزب لشؤون الرئاسة العميد وهبه قاطيشا، عضو الهيئة التنفيذية إدي أبي اللمع، ومستشار رئيس حزب «القوات اللبنانية» المحامي جوزيف نعمه. وحضر من «الطاشناق»، إلى جانب بقرادونيان، نائب الأمين العام أفديس كيدانيان، وعضو «اللجنة المركزية» هاغوب هافتيان.
حتى ما قبل الطائف حملت العلاقة الكثير من المدّ والجزر. فالمواجهة بين الحزبين في مراحل مختلفة لم تمر من دون ندوب على العلاقة بينهما. بالنسبة للـ «قوات» برج حمود كانت جزءا من مناطق نفوذها وسيطرتها. بالنسبة للـ «الطاشناق» كانت معقلهم او «كانتونهم» و «خطهم الأحمر». لم يقصّر الطرفان في فرض وجهة نظرهما بالطرق المتاحة يومها وصولا الى المواجهة المسلحة احيانا. لكن ذلك كان زمنا آخر. تخلى الطرفان عن اسلوب ذاك الزمن ولغته وانخرطا في السياسة. وهنا ايضا شاءت الظروف والقناعات ان يكون احدهما في مواجهة الآخر.
لكن الحزبان وجدا بالأمس ما يمكن ان يتفقا عليه. منه انطلقا وحوله تمحور لقائهما. فحضرت، بحسب اوساطهما، «القضية المسيحية والحضور والدور المسيحي بكل الجدية المطلوبة». وشدد وفد «القوات» على «وجوب التنبه الى الاخطار التي تهدد المسيحيين اليوم، وضرورة توحيد الجهود بين جميع الاحزاب والقوى المسيحية والكنائس من اجل درء هذه الاخطار». وقد شدد الوفد على « اهمية انتخاب رئيس للجمهورية» مؤكدا على «جدية الحوار القائم بين القوات و «التيار الوطني الحر»، مراهنا على «امكانية الوصول الى نتائج على هذا الصعيد».
وقد كان «الطاشناق» شديد الترحيب بالوفد مؤكدا على الصداقة التي تربط «الطاشناق» بمعظم القوى السياسية. وجدد قناعته بأن «كل الخلافات يمكن ان تحل بالحوار والتلاقي والتفاهم، انطلاقا من احترام خصوصية الآخر وقناعاته».
بقرادونيان أشاد بـ «الجهود لإنجاح الحوار ما بين القوات والتيار الوطني الحر»، مشدداً على أنّ «هذا الحوار يجب ان يستمر، وأن يعطى الوقت الكافي للوصول الى الأهداف الاساسية التي نعتبرها أهدافا لبنانية، قبل ان تكون ان تكون اهدافا مسيحية».
وأشار بقرادونيان الى «أننا تطرقنا الى موضوع انتخاب رئيس للجمهورية وموضوع الحكومة»، لافتاً الانتباه إلى أن «المواقف كانت متطابقة بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن وتنشيط العمل الحكومي»، مؤكداً «البقاء على تواصل مستمر مع القوات».
بدوره قال كرم: إن «هذا اللقاء ليس إلا محطة من محطات لقاءاتنا التاريخية وسوف نحافظ على هذه اللقاءات وحوارنا دائم ومستمر».
على هذه الخلفية، ومن منطلق ابقاء الجسور ممدودة مع الجميع، كان لقاء صريح مع وفد «تجمع العلماء المسلمين». وقد تمحور اللقاء حول تأكيد العلماء على رفض ربط الاسلام بالارهاب، مؤكدين ان «الارهاب لا دين له». وفي معرض النقاش حول الانسان والمواطن، اوضح الوفد لمستقبليهم ان «مفهوم الامة لا يعني فقط المسلمين، بل يشمل كل من يقيم على هذه الارض ويؤمن باهداف مشتركة وقيم المساواة والعدالة وموقفه واضح من اسرائيل. وبالتالي فالامة هي ائتلاف كل الطوائف والاعراق».
ولم يترك المضيفون المناسبة تمر من دون ان يذكّروا ضيوفهم بأن «تركيا التي تدعم الارهاب بعيدة عن الاسلام. فتاريخها، وحتى اليوم، مليء بالمجازر والاضطهادات وقد عانى منها اللبنانيون كثيرا». وشددوا على «وجوب الحفاظ على الذاكرة. فان نسامح لا يعني ابدا ان ننسى».