IMLebanon

مأزق رئاسة الجمهورية بين  لائحة 88 و لائحة 2014

في التركيبة السياسية القائمة اليوم، يبدو موقع رئيس مجلس النواب هو الأكثر إستقراراً:

فموقع رئيس الجمهورية موجود لكنه شاغر، والشغور مستمرٌ ومتمادٍ منذ سنتين وأربعة أشهر، ولم يحصل في تاريخ لبنان أن خلا موقع رئاسة الجمهورية كل هذه الفترة.

وموقع رئيس الحكومة موجود لكنه في حكم تصريف الأعمال، فلا مجلس وزراء يلتئم، وإذا التأم لا يتخذ قرارات.

وحده موقع رئاسة مجلس النواب ثابت، لا تهزه ظروف ولا أعاصير سياسية، قابضٌ عليه رئيس مجلس النواب الحالي منذ عام 1992 أي منذ ربع قرن، ولعله رئيس المجلس الأقدم في العالم العربي وربما في العالم.

هذا الثبات على مدى خمسة وعشرين عاماً، جعل من الرئيس بري ليس فقط رئيساً للسلطة التشريعية، بل هو شريكٌ في السلطة التنفيذية وله الكلمة الأولى واليد الطولى من السلطة السياسية إلى السلطة الإدارية، من المدراء العامين حتى آخر موظف، لا يمر تعيين إلا ويحتاج إلى موافقة مسبقة منه.

الرئيس نبيه بري هو رئيس لمجلس النواب طوال الحقبة السورية بعد الطائف:

من العام 1992 حتى العام ٢٠٠٥. لم يختلف الأمر كثيراً منذ العام 2005 وحتى اليوم، لا أحد يريد أن يُزعِّل أبو مصطفى لا أمس ولا اليوم ولا غداً. يتذكَّر الجميع حين أدلى الرئيس فؤاد السنيورة، بعد الجلسة ال43 لانتخاب رئيس للجمهورية في 8 آب الماضي، بموقف قال فيه:

رئيس الجمهورية هو القادر على أن يجمع اللبنانيين استناداً إلى خبرته وقيادته واحترامه للدستور، والأجدر أن يتولى رئاسة الحكومة النائب سعد الحريري والأجدر أن يتولى رئاسة مجلس النواب النائب محمد رعد.

وبعد أربعة أيام على هذا الطرح، أطل الأمين العام لحزب الله ليرد على السنيورة جازماً:

مرشحنا لرئاسة المجلس النيابي الوحيد والأكيد والقديم الجديد هو الرئيس نبيه بري، وخيطو بغير هالمسلِّة.

هكذا، الرئيس نبيه بري ثابتٌ في كل المعادلات، شريكٌ في السلطة التنفيذية، وله الكلمة الفصل في السلطة التشريعية وفي الجلسات التشريعية حتى ولو كانت جلسات انتخابية.

هذه السلطة إلى حد السطوة كانت في ما مضى نعمة. يُدرك الرئيس بري أنَّ لا انتخابات رئاسية من دونه:

ترشيحاً وانتخاباً، ولهذا فإنَّ الجميع يحسبون لموقفه ألف حساب، وليس من باب المناورة، بل ضربة معلِّم ما أعلنته أوساط في المستقبل، بقولها:

أقنعوا الرئيس بري أولاً بالعماد عون، يأتي رمي الكرة في ملعب الرئيس بري بعدما روّج تيار عريض في البلد بأنَّ انتخاب العماد عون رهنٌ بموافقة الرئيس الحريري، فتمَّ ردّ الكرة بالقول:

أَقنِعوا الرئيس بري.

هذا التحدي لا يأتي من فراغ، بل من المعطيات التي يملكها تيار المستقبل من أنَّ الرئيس نبيه بري يملك خيارات كثيرة في ما يتعلَّق بالمرشحين لرئاسة الجمهورية.

يرى مطَّلعون على أجواء رئيس المجلس أنَّ عشرات الموارنة فيهم الخير والبركة للترشُّح، فلماذا حشروا أنفسهم في زاوية تسمية لائحة الأربعة، أليسوا هُم مَن انتقدوا الأميركيين عام 1988 حين طلبوا من البطريرك صفير تقديم لائحة بخمسة أسماء؟

فلماذا أقدموا منذ سنتين على القيام بما انتقدوه قبل ثلاثين عاماً؟

ويُذكِّر المطِّلعون بأنه كما فشلت لائحة 88 فإن لائحة 2014 لن يكون حظها أكبر.