سؤال واحد يدور في ذهن اللبنانيين أو هكذا يفترض أن يكون وهو: ألهذه الدرجة يتنكر المسؤولون والزعماء للواقع المزري القائم في لبنان فلا يبادرون إلى تشكيل حكومة بعيداً عن مصالحهم الشخصية؟
الجواب على هذا السؤال يبدأ من عند المعنيين المقصودين فيه، فهؤلاء يقولون إنهم يدركون الوضع المتأزم وإنهم على استعداد للحل لكن كل واحد منهم يتهم خصمه السياسي بالعرقلة ويلقي اللوم عليه في ازدياد حجم التدهور والمأساة، علماً أن الحقائق الدامغة تشير إلى أن كل هؤلاء متورطون في ما وصلت إليه البلاد ومتورطون أكثر وعن سابق تصور وتصميم في مواصلة النهج التدميري للدولة ومقوماتها ولنظام الحكم والكيان وإفقار الناس، خاصة وأن بينهم من يعتبر أن لبنان هو تفصيل صغير في مشروعه الكبير، وهذا التفصيل هو كناية عن مساحة ارض فقط يستخدمها كمنصة لخدمة مشروعه في لبنان وخارج لبنان، ولا يهتم ولا يعنيه أن تقوم دولة في هذا البلد أو أن يعيش الناس برفاهية وبحبوحة وازدهار واستقرار.
هؤلاء يتكلون أيضاً في تعمية الواقع وإنكاره على مؤيديهم ومناصريهم، فالذين ينكرون الواقع يكمُّون أفواه المناصرين بالحد الأدنى من المساعدات ويسلطونهم على موارد الدولة، ويبيحون لهم كل المحظورات فيصبح هؤلاء أسرى هذه الجهة أو تلك فهي ولية أمرهم وصاحبة لقمة عيشهم ولا ضير إن قبلوا بواقع مؤلم فهو بالنسبة لهم يبقى أفضل من لا شيء وأفضل من أن يلجأوا إلى جهة أخرى لا تتوافق مع توجهاتهم السياسية والمذهبية.
في المقابل لا حول ولا قوة للمواطنين غير المنحازين، فهؤلاء يدركون أن سبب المشكلة هو من بيده الحل والربط في هذا البلد، ويعتقدون أنه يملك من القوة التي تتيح له مواجهتهم والتصدي لهم وقمعهم، وأنه لن يتوانى عن سفك الدماء إذا اضطر لذلك، كما يدركون أن هؤلاء يعملون على تدمير كل مظاهر ومقومات العيش الكريم ورفع مستوى الفقر كي ينصرف المواطن عنهم للتفتيش عن لقمة العيش وحبة الدواء وقد نجحوا في ذلك ولكنهم بالتأكيد لم ينجحوا في تغيير صورتهم في أذهان الناس ولم يتمكنوا من إطفاء الغضب في قلوبهم، وازداد الغاضبون رغبة في التخلص منهم ولكن ذلك لن يتحقق سوى بتجاوز حاجز الخوف والمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة بكثافة وبرفض مطلق لأي نوع من أنواع الرشوة، ولكن المفارقة أن هذه الطغمة تدرك وتعرف ردة الفعل التي تنتظرها وبدأت تخطط لما هو أدهى وهو حرمان الناس من حقهم في الإقتراع من أجل التغيير.