IMLebanon

معركة «طروادة» الرئاسية تنتظر «حصان» المفاجآت

يُراقب اللبنانيّون ما تشهده عواصم شرقيّة وغربيّة من محادثات في شأن استحقاق رئاسة الجمهوريّة، وهل حَان موعد وضع الأزمة اللبنانيّة على جدول التسويات الكبرى التي لم تُبصر النور حتى الساعة بسبب تراكم الحروب وتمذهبها، في وقت سقطت مقولة «ليتّفق الموارنة على مرشّح ونسير جميعنا فيه»، لمصلحة تدويل الإستحقاق الرئاسي الذي خرج من أيدي اللبنانيّين، والظاهر أنه لن يعود قريباً.

أدلى كلّ فريق سياسي بدلوه، قَدّم ما عنده من مبادرات، كشف عن أوراقه المستورة، إستخدم كلّ أنواع الأسلحة المتوافرة لمعركة بات يتخوَّف الجميع من أنها ستسلك مسار حروب «طروادة» الشهيرة التي دامت 10 سنوات، في انتظار أن يأتي الحصان الشهير الذي سيَحسم المعركة.

وعلى رغم أنّ المعركة الرئاسية لا تحتاج الى حصان «طروادة» وسطيّ ليكون الورقة الرابحة لأحد الافرقاء المتنازعين بعدما سلّم ما كان يُعرف بفريق «14 آذار» الرئاسة إلى مرشّحي «8 آذار»، إلّا أن لا شيء محسوماً في السياسة اللبنانية، فألدّ الأعداء يصبح في أقل من 24 ساعة أشرف الحلفاء، وتُفتح للحليف مضبطة اتهام إذا اعترض على حليف الحليف الجديد، وقال: لا لتسوية غير مفهومة سقطت بين ليلة وضحاها، وعلى اللبنانيين السّير بها وإلّا طارت الرئاسة.

كثيرة هي المعارك الرئاسية الطاحنة التي شهدتها الساحة اللبنانية قبل توقيع «اتفاق الطائف»، لكن في السابق كان هناك مبرّر لهذا التطاحن والنزاع على كرسي الرئاسة. ففخامة الرئيس كان يتمتع بصلاحيات واسعة يستطيع أن يحكم ويصنع التغيير، وكان يكفيه فخراً أنه رئيس جمهورية لبنان «العز والازدهار» و«سويسرا الشرق».

أمّا الآن فالرئيس مُنتزع الصلاحيات، والوزير يستطيع القبض على بعض مقاليد الحكم أكثر منه، وتحوّل لبنان من «جمهورية العزّ» في الخمسينيات والستينيات الى جمهورية الفلتان والمحسوبيات والفساد وأكوام النفايات، وسيكون الرئيس غارقاً في كل هذه المشاكل من دون أن يكون قادراً على فعل شيء، مثل الأم التي تشاهد ابنها يغرق، لكنها مكبّلة اليدين وعاجزة عن إنقاذه، فهل هناك أفجع من هذا المشهد الذي سيحفر في قلب الأم ورئيس الوطن؟

كثيرة أيضاً هي المواعيد التي ضربت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، من الأشهر الأولى في الربيع الى الصيف، ثم الخريف فالشتاء، ثم الربيع، فيما تمرّ الأيام ويتمنى قصر بعبدا أن تُلغى التواريخ والفصول وتسقط الروزنامة أرضاً قبل أن يسقط الوطن وتنهار مؤسساته.

في السنوات العشر التي استغرقتها حروب «طروادة»، مرّ 40 فصلاً، فهل تحتاج الرئاسة الى مثل هذا العدد من الفصول؟ وهل بات علينا أن ننتظر 32 فصلاً لإنجاز هذا الاستحقاق بعدما مرَّت 8 فصول على الفراغ الرئاسي، غمرت فيها النفايات البلاد في صورة لم تشهدها أيام الحرب الأهلية، وباتت الوكالات العالمية تتفنّن بالتقاط صوَر لمشاهد النفايات في كل الوضعيات: النفايات في الصيف والحرارة، النفايات خلال الهطول الأول للمطر، النفايات والثلج، النفايات قرب المعالم السياحية في حين كانت هذه المعالم الحدث وصورة لبنان الحقيقية؟

وعلى رغم الصورة السوداوية الواقعية للاستحقاق الرئاسي، إلّا أنّ بعض المرجعيات يتحدث عن خرق محتمل، ومفاجأة ستعلن خلال الأسبوعين المقبلين بعد جلسة 8 شباط المقبل التي لن تشهد انتخاب رئيس، وهذا الخرق مردّه الى طروحات جديدة تتبلور في الغرف المغلقة لكن من دون ضمان إنتاج رئيس، لأنّ كل الصدمات السابقة لم تُحرّك الجمود.

وبالتالي، فإنّ المراوحة سيّدة الموقف في انتظار أعجوبة تشبه أعجوبة «مصالحة معراب» التي انتظرها المسيحيون وقتاً طويلاً، وراهنَ عليها الجميع لحل قضيّة الرئاسة، وإذ بالشركاء في الوطن يتنصّلون منها ويتركون الرئاسة معلّقة على خيوط الآمال الإقليمية والدوليّة.