IMLebanon

هدنة، قتال، وتفاوض  والكل مكره لا بطل

الروس والأتراك ليسوا البديل من السوريين، وان تقدموا لادارة اللعبة العسكرية والسياسية في سوريا. ولا هم يجهلون الحاجة الى القوى الاقليمية والدولية التي لها أدوار في حرب سوريا، وان بادروا في معزل عن تلك القوى الى رعاية اتفاق بين النظام والمعارضة على هدنة وتفاوض على تسوية سياسية. فالكل، كما أوحى التزام المبادرة في الداخل والترحيب بها في الخارج، يعمل على طريقة مكره لا بطل. من الذين أعلنوا وقف النار والاستعداد للذهاب الى التفاوض في أستانة. الى الذين دعموا وتصرفوا كأن مفاوضات استانة تمهيد لمفاوضات جنيف، وهم يعرفون العكس. ومن وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي وجد نظيره التركي مولود جاويش أوغلو يأخذ محلّه في التفاهم مع الوزير الروسي سيرغي لافروف. الى الرئيس رجب طيب أردوغان الذي أحدث تغييرا في موقفه بنسبة ١٨٠ درجة من أجل التفاهم مع الرئيس فلاديمير بوتين.

ذلك ان تجربة جنيف الفاشلة أعادت تأكيد المعادلة التقليدية: لا أحد يفاوض جديا على حلّ سياسي يتضمن تنازلات، اذا كان يتصوّر انه قادر على الذهاب الى النهاية والربح في الحلّ العسكري. والمبادرة الروسية التي مشت فيها تركيا بعد معركة حلب تكرّس مبدأ الحاجة الى خيار سياسي مهما يكن الانتصار العسكري مهمّا. وتعدّد القوى الخارجية التي تدعم أطرافا داخلية بالمال والسلاح، أو تنخرط مباشرة في القتال هو وصفة لاستمرار الحرب مهما يحدث فيها من هزائم وخراب.

ولا شيء يوحي ان المرحلة الجديدة في سوريا قصيرة. ففي المشهد ثلاث صور متجاورة: وقف نار ومعارك وتفاوض. وفي الاستثناء من وقف النار الشامل ما ليس مقتصرا على داعش والنصرة وبقية التنظيمات الارهابية. ولا أحد يجزم ان كانت مطالبة جاويش أوغلو بخروج القوى غير السورية من سوريا جزءا من تفاهم مع الروس أم مجرد موقف اعلامي لتغطية التراجع التركي. لكن الكل يعرف صعوبة خروج هذه القوى. وهي ليست فقط قوات ايران وحلفائها وفي طليعتهم حزب الله بل أيضا القوات التركية والأميركية وحتى الروسية وكل الارهابيين الذين جاؤوا من نحو مئة بلد.

واذا كانت الأولوية للحرب على الارهاب، فان التسوية السياسية هي أقوى سلاح في القضاء على دولة الخلافة الداعشية وامارة النصرة. وليس للتسوية بعد واحد. فالأزمة السورية التي أريد طمسها بالحرب تداخلت فيها عوامل أزمة اقليمية ودولية في سوريا. والحاجة الآن الى تسوية على مستويين: مستوى حلّ الأزمة السورية بين النظام والمعارضة، ومستوى حلّ الأزمة الاقليمية والدولية في سوريا عبر تفاهمات بين روسيا وأميركا وأوروبا وتركيا وايران والسعودية ومصر والأردن ولبنان والعراق وسواها.

وما أكثر المحطات والألعاب على الطريق.