IMLebanon

ماذا تنتظرون من الناس؟

 

 

ليس لبنان البلد الوحيد في المعمورة الذي يفرض عليه صندوق النقد الدولي شروطاً قاسية مقابل الموافقة على التعاون معه… فالبلدان التي يقوم تعاون بينها وبين الصندوق عديدة، وهي موزعة على مختلف بلدان الشمال والجنوب، وبينها بلدان من العالم الأول وسواها من العالم الثالث… ولكن الأكثر صحّةً أن لبنان يتفرّد بينها في أنه يحتل الصدارة بين الدول ذات العلاقات مع الصندوق، التي ليس عندها أي درع حماية من سلبيات هذا التعاون.

 

على سببل المثال، لا الحصر، ارتفع سعر صفيحة البنزين عندنا، في بضعة أشهر، من أقل من ثلاثين ألف ليرة إلى نحو أربعماية ألف ليرة، بينما بقي الحد الأدنى للأجور (شهرياً) على حاله، أي بما يقل عن سعر صفيحَتَي بنزين…

 

واستطراداً، فإن شروط الصندوق الدولي يكون وقْعُها موجعاً جدّاً على اللبناني ربما أكثر من أي بلد آخر. فارتفاع سعر المحروقات عند معظم بلدان المعمورة (وهو مرتفع هناك فعلاً) يقابله اعتماد النقل المشترك، إما تحت الأرض أو فوقها أو الاثنان معاً، ما يخفّف من وطأة ثقل الأزمة الاقتصادية الخانقة الضاغطة على الناس عندهم، بينما هي مضاعفة عندنا.

 

أضف إلى ذلك أننا لم نتوصّل إلى أي نظام تقديمات يوفر الضمانات للمواطنين. فلا ضمان للشيخوخة، ولا ضمانات للعاطلين عن العمل، ولا مجانية الطبابة والاستشفاء… إلى ما هنالك ممّا يعتبر أدنى الحقوق التي تؤمّنها الأنظمة للمواطنين وللمقيمين الشرعيين من دافعي الضرائب.

 

إن هذا الوضع من شأنه أن يُشرّع الأبواب أمام العواصف والإشكالات، وربما الحوادث والصدامات… فأنت لا تستطيع (وأذهب أبعد فأقول: لا يحق لك) أن تضع الناس في أشداق الجوع والفقر والعوز، ثم تتوقع منهم أن يقبلوا صاغرين، خصوصاً أنهم يعرفون أن هذا البلد ليس فقيراً، وأن سبب معاناتهم الفساد المستشري والسرقات وتحالف المافيات وأهل النفوذ من الذين تحكّموا ويتحكّمون بالبلاد والعباد، والذين لا يشبعون من الكسب الحرام!..

 

وعليه فالسؤال ليس لماذا يتحرك الناس، بل لماذا لم يثوروا بعد، ثورة حقيقية؟!.