بعد الانتخابات النيابية وبعد فوز البعض من رموز النظام السوري في لبنان بواسطة المال الايراني وسلاح “حزب الاشراف”، ارتفعت أصوات تقول إنّ علينا أن نتفق مع النظام السوري على إعادة مليون ونصف مليون نازح الى بلدهم سوريا.
نتوقف عند أسئلة تطرح ذاتها حول هذا الموضوع:
أولاً- كيف يمكن أن يطلب من النظام الذي تسبّب بقتل مليون مواطن سوري وهجّر 15 مليوناً آخر… كيف يمكن أن نطلب منه أو نبحث معه عودة الذين هجّرهم؟
ثانياً- إذا كانت الأمم المتحدة مقصّرة، وكذلك النظام العالمي، في مساعدة لبنان ليقدر على حمل تداعيات هذا النزوح الكبير من أكل وشرب وطبابة وتعليم (… الى الماء والكهرباء…) فهل يجوز من الناحية الإنسانية أن نرمي بإخوتنا السوريين في أحضان النظام الذي قتلهم وشرّدهم؟!.
ثالثاً- الحل الحقيقي الوحيد الذي يجب أن تتبعه الدولة اللبنانية هو البحث مع الأمم المتحدة في برنامج لإرجاعهم الى الأماكن والمناطق السورية الآمنة تحت ضمانات لعودتهم، فليس المهم أن يعودوا، بل الأهم عودتهم آمنين وألاّ ينتقم منهم النظام، خصوصاً أنّ ما جرى في ضواحي دمشق من تهجير جديد تحت حجّة مكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية والمسلحين… يجعلنا لا نعلم جدّياً لماذا نقل هؤلاء مع عائلاتهم الى دير الزور والحسكة والرقة وإدلب… فلماذا تهجير عائلاتهم معهم.. فما ذنب النساء والأطفال وغير المقاتلين؟ ومن يعرف الحسكة والرقة يدرك أنها غير مؤهلة أن تؤوي هذا العدد الكبير (بمئات الألوف) وهو متعذّر فعلاً استيعابه حيث تم التهجير.
رابعاً- إذا كان البعض يظن أنّ عشرة نواب (مع احترامنا وتقديرنا للنواب جميعاً) يريدون أن يبيضوا صفحة النظام المجرم، فهذا كلام سخيف، لأنّ المشكلة مع النظام المجرم أنه متهم بقتل العشرات من رئيس جمهورية الى رئيس حكومة الى زعماء ووزراء ونواب وصحافيين ورجال دين… إذا كان النواب العشرة نسوا فلا بد لنا من إنعاش ذاكرتهم، فالمشكلة ليست بالبساطة التي يحاولون تصويرها انها مع النظام وتنتهي ببساطة لمجرّد “الحكي” من النظام.
صحيح أنّ بعض اللبنانيين يشكو من منافسة العمّال السوريين، وأصلاً من قلة الوظائف في لبنان لأبنائه… ومن المنافسة التجارية… ولكن يجب ألاّ ننسى أنه خلال الحرب اللبنانية فتحت سوريا أبوابها أمام اللبنانيين، لدرجة أنه سمح للبنانيين بتحويل سياراتهم الخاصة الى سيارات عمومية ليتمكنوا من العيش أسوة بالسوريين، صحيح أنّ العدد ليس متكافئاً ولكن المبدأ الإنساني هو قبل كل شيء.
أخيراً، هذا الموضوع لن يكون جسر عبور للنظام السوري لتبييض صفحته السوداء التي لن يمحوها التاريخ، وسيحاسب عليها يوماً ما، مهما طال الزمن.
عوني الكعكي