IMLebanon

إستثمار انتخابي لترامب ومراهنة لبنانية فاشلة

 

 

تقول الرواية إن رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية السابق جبران باسيل طلب مرتين، خلال الأسبوعين الماضيين، لقاء الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله للبحث معه في المطلب الأميركي الملح، الإفراج عن الفاخوري وبضغوط واشنطن المكثفة منذ توقيفه.

 

لم يوفق باسيل في لقاء الأمين العام لـ”الحزب”، فاستعيض عن ذلك باتصال هاتفي. وفي كل المراجعات فإن موقف السيد نصرالله كان منذ بداية المساعي لإخلاء سبيل الفاخوري: من غير الوارد قبول “حزب الله” بالإفراج عن عميل للعدو، لا سيما أنه ملاحق قانونياً من معتقلي سجن الخيام الذي كان الفاخوري يشرف عليه وعلى تعذيبهم فيه.

 

المطالبة الأميركية لباسيل وللرئيس ميشال عون وقيادات أخرى، بالإفراج عن الفاخوري تكررت بانتظام، وأخذت منحى متصاعداً في 13 تشرين الأول الماضي حين شاهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إبنة الفاخوري تتحدث على قناة “فوكس نيوز”، عن توقيف والدها في لبنان، وتبكي قائلة إنه “اختطف” وتناشد ترامب الذي وصفته بأنه “يدافع عن جميع الأميركيين وهناك مواطن أميركي مريض ومحتجز كرهينة ونحن بحاجة إليه في أقرب وقت”. اتصل ترامب بوزير خارجيته مايك بومبيو قائلاً له: “أريد استعادة الفاخوري”. وردد عبارة: go and get him. فترامب يحسبها انتخابياً لمصلحته، في ولاية نيو همبشير حيث يقيم الفاخوري الذي أيده في الانتخابات الرئاسية الماضية، مقابل تحرك السيناتور الديموقراطية عن الولاية، جين شاهن، للإفراج عن الفاخوري مهددة بتشريع عقوبات على مسؤولين لبنانيين عبر الكونغرس. الرئيس الأميركي يحرص على التوظيف الشعبي لاستعادة أميركيين محتجزين في الخارج ولو بمقايضات، كما فعل السنة الماضية حين بادل أميركياً محتجزاً في إيران بإيراني موقوف في أميركا، وحين حررت وساطة قطرية أميركياً في اليمن. وتجري مفاوضات لإطلاق أميركيين آخرين.

 

لم يتراجع إلحاح ترامب على بومبيو، فيما تولت السفيرة السابقة إليزابيت ريتشارد تذكير المسؤولين بالمطلب، وكان الجواب أنه يخضع للمحاكمة و”نفتش عن مخرج”، فيما قيادات أخرى امتنعت عن التدخل في قضية حساسة كهذه. بلغت الضغوط ذروتها حين أوفد بومبيو وكيل وزير الخارجية للشؤون السياسية ديفيد هيل إلى بيروت في 20 كانون الأول الماضي، لهذا الغرض، بذريعة استطلاع الوضع بعد الانتفاضة واستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري، فشرح بالتفصيل أهمية الأمر للبيت الأبيض. وأفادت المعلومات أنه نقل إمكان فرض عقوبات على باسيل وعلى وزير آخر من فريق العهد. ونقلت السفارة اللبنانية في واشنطن جدية الرسالة.

 

لم تلقَ فكرة بعض فريق العهد إصدار عفو رئاسي عن الفاخوري بعد انتهاء المحاكمة، صدى لدى آخرين من الفريق. ولم يؤخذ بنظرية إسقاط الجنسية عنه بعد إدانته، ليسلّم إلى واشنطن كأميركي. وبعدما كررت السفيرة الأميركية الجديدة دوروثي شيا الإصرار على إخلائه اعتُمد مخرج سقوط التهم بالزمن ضده، عن المحكمة العسكرية، من دون علم “حزب الله”.

 

بينما يستثمر ترامب الفاخوري في حملته الانتخابية، كان الثمن رخيصاً للبنان، سوى تجنب العقوبات على البعض، ومراهنة فاشلة على تعويم خارجي لباسيل، وإحراج للقوى المطالبة بالعفو عن عدد من السجناء. وأمام بيان “حزب الله” الاعتراضي، سيكون على فريق العهد و”التيار الحر” التزام الخيارات الإقليمية، وموجباتها المحلية أكثر.