ماذا يعني أن ينطلق تحذير واحد من كارثة كبرى، وان يصدر في توقيت متزامن في واشنطن وتل أبيب معا؟ وأية صدفة هي أن يكون التحذير موجها حصرا من شخصية من يتولى القيادة في البلدين: دونالد ترامب في الولايات المتحدة الأميركية، وبنيامين نتنياهو في اسرائيل؟! ،وليس من المفارقات أن الجهة التي أطلقت التحذير في الحالتين، هي جهة وازنة وتعبّر عن قلق حقيقي ومصيري، وليس بقصد التناكف السياسي الداخلي… ومن أطلق التحذير في أميركا هو السيناتور الجمهوري البارز بوب كوركر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. ومن أطلق التحذير في تل أبيب هو صحيفة هآرتس البارزة. والموضوع واحد في الحالتين وهو سوء التعاطي مع الملف النووي الايراني، من قبل القيادة في كل من البلدين: الرئيس ترامب لمناسبة ما يتردد في واشنطن من انه سيعلن استراتيجية جديدة شاملة حول ايران، ورئيس الوزراء نتنياهو حول تحريضه المستمر على ايران والاتفاق النووي…
السيناتور كوركر وهو سياسي مخضرم، حلّل شخصية ترامب في العمق، وقال في حديث الى نيويورك تايمز، ان ترامب الممثل السابق في تلفزيون الواقع يتعامل من منصب الرئاسة وكأنه في برنامج تلفزيوني! ويطلق التهديدات المتهورة ضد الدول الأخرى! وهو يحتاج الى أن يقوم المسؤولون الكبار بحمايته من غرائزه! وانه بعد وصوله الى الرئاسة لم يتمكن من أن يصبح رجل سياسة! وتوصل السيناتور كوركر الى نتيجة محبطة ومؤداها ان سلوك ترامب يضع الولايات المتحدة على مسار يؤدي الى الحرب العالمية الثالثة! وذلك من خلال تعامله بخفة ونزق مع الاتفاق النووي الدولي المبرم مع ايران، وتهديداته المتكررة بإلغائه أو الانسحاب منه!
أما صحيفة هآرتز فحذرت في مقالها الافتتاحي من ان اسرائيل ستدفع ثمنا باهظا بسبب السياسة النزقة التي يتبعها رئيس الوزراء نتنياهو ويتحدّى فيها غالبية قادة العالم، بمواصلته التحريض على الاتفاق النووي الايراني! وقالت الصحيفة ان نتنياهو الذي يتباهى ويتفاخر اليوم بعلاقاته مع دول مهمة في الخليج، فان زعماء هذه الدول يحافظون على السرّية والهدوء في هذا الموضوع، وانهم لن يفعلوا شيئا لاسرائيل اذا وقعت الواقعة! وأضافت الصحيفة ان نتنياهو يستمر في تحريض الرئيس ترامب على إلغاء الاتفاق النووي، وان ذلك سيخلق معضلة سياسية كبرى في أميركا! وان تأجج الصراع مع ايران قد يتحوّل الى صراع حربي، وان سياسة نتنياهو ما هي إلاّ مقامرة غير محسوبة، وان إلغاء الاتفاق النووي مقامرة غير محسوبة، وهو أمر في غاية الخطورة على اسرائيل!
بنتيجة هذه الصورة المقارنة بين واشنطن وتل أبيب، يتبين ان الرسالة التي يبعث بها السيناتور الأميركي والصحيفة الاسرائيلية، هي: ان ترامب خطر على العالم! وان نتنياهو خطر على اسرائيل!