من سيصل الى سدة الرئاسة؟
بعد ساعات، يقول الأميركيون كلمتهم: جو بايدن أو دونالد ترامب؟ العالم بأجمعه يترقب نتيجة هذه الانتخابات لما لها من تأثير هام في أجندات مختلف الدول العالمية. وبين الاحمر الجمهوري والازرق الديموقراطي، من هو المرشح الأفضل للبنان بحسب السياسيين اللبنانيين؟
يتنافس الرئيس الحالي دونالد ترامب وجو بايدن مرشحا الحزبين الرئيسيين الجمهوري والديموقراطي على الكرسي الرئاسي، وعلى الرغم من الاتفاق الواسع على طبيعة مواقف وأهداف واشنطن الخارجية، يتابع اللبنانيون عن كثب مجريات الانتخابات الاميركية، من مبدأ أنّ كل مشاكل لبنان مرتبطة بطريقة أو بأخرى بالسياسة الخارجية الأميركية. وفي حين انتهج ترامب سياسة الضغوط القصوى بالعقوبات التي أثمرت في أكثر من مجال، لا تزال سياسة بايدن غير واضحة المعالم مع أن البعض يرى في وصوله مؤشراً إلى التغيير، ليس فقط باعتباره سياسياً تقليدياً مختلفاً عن ترامب، وإنما باعتباره ممثلاً لبرنامج الحزب الديموقراطي المختلف جوهرياً مع نظيره الجمهوري. وفي هذا الاطار يعوّل البعض على هوية الرئيس المقبل، وكأن لبنان على سلم أولويات الولايات المتحدة الأميركية. فما رأي ساسة لبنان بهذا الموضوع؟ ومن يفضلون بين ترامب وبايدن؟
أفضّل وصول “الحكيم”، ممازحاً يجيب عضو تكتل الجمهورية القوية النائب عماد واكيم عن السؤال، وتابع بجدية: “لا تشبه السياسة الاميركية سياسة لبنان، فهي لا ترتكز على شخص معين، فالادارة الاميركية ترسم استراتيجيتها ويطبقها الحاكم، واستراتيجية ترامب وافق عليها الديموقراطيون في الكونغرس من دون عرقلتها، ويبقى الفرق بأداء شخص الرئيس الذي يمكن ان يختلف بالتطبيق بهامش لا يتعدى الـ25 في المئة. أمّا التغيير المنتظر الذي يأمل به البعض، فمن المستبعد أن يحصل قبل سنة او سنتين، وهذا ما حصل عند وصول ترامب الى الرئاسة، ورغم حدّية شخصيته لم يتمكن من تغيير استراتيجية العمل قبل سنة ونصف من تسلمه الحكم. وفي هذا الصدد، نعلم جيداً أنّ الاستراتيجية الاميركية كاملة متكاملة بالنسبة للشرق الاوسط، نعطي مثلاً “السلام مع اسرائيل”، الذي رأيناه حديثاً في السودان، وبحسب المعلومات “الحبل على الجرار” حيث ستنضم دول عربية اخرى قريباً إلى من سبقها، ولن تتغير هذه النقطة مع وصول اي من المرشحين بحيث ان الديموقراطيين لم يحاربوا ترامب في هذا الموضوع ووافقوا عليه في الكونغرس”.
ننتقل الى عضو كتلة “المستقبل” النائب محمد الحجار، الذي يخبر عن موقف واجه احد زملائه النواب في لقاء مع احد المسؤولين الاميركيين في الولايات المتحدة، حيث توجه مسؤول اميركي الى النائب اللبناني قائلاً: “أتعجب منكم ايها اللبنانيون، كيف تظنون أن وصول اي من المرشحين سيغير شيئاً على الصعيد اللبناني”؟ وتساءل الحجار عن “الفرق بين الاثنين”، معتبراً أنّ “الهدف الاول للادارة الاميركية ضمان أمن اسرائيل، واي من يصل الى الحكم سيصب كل جهده لتحقيق ذلك، فالنتيجة نفسها ولو بأسلوب أو مسار مختلف”.
في وقت فضّل عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون عدم التعليق، علّق عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله قائلاً: “سخيف من ينتظر نتيجة الانتخابات الأميركية”، موضحاً أنه “غير معني بكل هذا الموضوع، فالاثنين أسوأ من بعضهما البعض”. شارحاً موقفه أنّ “أي تغيير ممكن أن يترافق مع وصول ترامب أو بايدن، ليس لصالحنا، فلا ثقة بالسياسة الأميركية نهائياً، ولا سيما أنها تدعم مصالح اسرائيل العليا على مصالح كل لبنان”. وعن امكانية تخفيف العقوبات في حال وصول بايدن، أجاب: “كبري عقلك”، متسائلاً: “هل يفيدنا تخفيف الضغوطات على ايران؟ لا بل على العكس هو الصحيح”. واعتبر عبدلله أنّ “البعض يعتبر لبنان محور الكون، وكأن بلدنا على رأس سلم أولوية “الأميركان”، ولهؤلاء أقول: “هل تظنون أنكم تحللون عهد ميشال عون؟ إصحوا، لن يتغير اي شيء، ولن يكون احد عادلاً في ما يخص سياسة الشرق الأوسط”.
جابر: لا للتدخل بالسياسة الأميركية الداخلية
عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب ياسين جابر قال إنه “لا يحبذ التدخل بالامور الداخلية الاميركية”، مضيفاً: “انا لبناني، ولست أميركياً، والقرار في يد الشعب الاميركي، ونحن لا ننحاز الى اي من المرشحين”. أمّا في التحليل السياسي للأمور فأردف: “بالطبع، نحن نتأثر بما يجري في المنطقة، ولا سيما على صعيد الصراع الاقليمي الدولي. ولكن أي تغيير قد يرافق وصول ترامب او بايدن الى سدة الرئاسة، فلن يؤثر مباشرةً على الداخل اللبناني بل على الشرق الاوسط ككل. كذلك، التناقض موجود في الداخل الاميركي، فبايدن سيكمل سياسة اوباما من ناحية الاتفاق النووي مع ايران، وأعتقد انّ ترامب سيبرم ايضاً اتفاقاً مع ايران في حال وصوله ولو بمقاربة مختلفة”. أمّا عن امكانية تخفيف العقوبات على لبنان فلفت جابر الى أنّ “موقف الاثنين واضح من هذا الموضوع ولا سيما من ناحية دعم اسرائيل. مع الاشارة الى أنه عندما ترتفع اسهم بايدن، ما يعني اعادة احياء الاتفاق النووي وتخفيف العقوبات على ايران، ينخفض سعر البترول في العالم، لان تخفيف العقوبات يدخل مليوني برميل بترول اضافي الى السوق”.
ننتقل الى الناشط واصف حركة الذي اشار الى انه “غير مطلع على تفاصيل المجريات”، لافتاً الى أنه “يدرك جيداً أنّ السياسة الاميركية لا يديرها شخص، وبالتالي لا فرق بين المرشحين”.
بدوره أكد النائب الكتائبي المستقيل الياس حنكش أنّ “الحياد هو الاساس في كل هذه “الهمروجة”، واعتبر أنّ “توجه ترامب واضح بالنسبة الينا، بينما نجهل مسار الادارة الجديدة في حال وصول بايدن، من هنا يبقى الذي نعرفه افضل من الذي نجهله”. مضيفاً: “لا شك أنّ لبنان في عزلة تامة عن المنظومة المصرفية والمالية في العالم، نتيجة السياسات الخارجية الخاطئة التي اوصلت البلد الى الافلاس التام، ومنعت جميع الدول من مساعدتنا، ولطالما يسيطر”حزب الله” على البلد فلن يتغير اي شيء، وستستمر العقوبات في جميع الاحوال”.
إيران والصين وما بينهما
تأتي الانتخابات الأميركية وسط جدل كبير بعد اربع سنوات كانت صاخبة، أمضاها الرئيس ترامب على كرسي الرئاسة، وقد تساعد قرارات وتصريحات المرشحين على فهم الى أين ممكن أن تتجه السياسة الاميركية في المرحلة المقبلة:
إيران: مارس ترامب تصعيداً غير مسبوق مع إيران، بدءاً من انسحابه من الاتفاق النووي مروراً باغتيال قاسم سليماني، وانتهاءً بسلسلة العقوبات الاقتصادية الشديدة التي فرضها على ايران. فيما بايدن يقول إنه سيتعامل مع إيران عن طريق الديبلوماسية، وسيعود إلى «الاتفاق النووي» بشرط عودة طهران أولاً للامتثال للقيود التي يفرضها عليها هذا الاتفاق.
الصين: وصلت العلاقات الأميركية الصينية في عهد ادارة ترامب إلى أسوأ مراحلها، وخصوصاً بعد تفشي الكورونا، إذ اتّهم ترامب الصين بانها من نشرت الفيروس، وشن عليها حرباً تجارية، وحاصر شركات الاتصالات الصينية (هواوي) وشركات التكنولوجيا الاخرى. اما بايدن فقد توعد بزيادة الضغط على الصين وفرض العقوبات عليها، لتحل موضوعات حقوق الانسان التي يتهمها بها.
روسيا: سعى ترامب إلى التخفيف من حدة اتهامات وكالات الاستخبارات الأميركية للروس بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية الاخيرة، وقال ان الخطر الاكبر على اميركا هو الصين وليست روسيا. بينما توعد بايدن بالرد بحزم على أي محاولة روسية للتدخل في الانتخابات مجدداً. وأيضاً بمواجهة بوتين إذا ما تأكدت أنباء تقديم روسيا مكافآت مالية لعناصر من «طالبان» مقابل قتل جنود أميركيين.
حظر السفر: أصدر ترامب قرار حظر دخول مواطني 7 دول شرق أوسطية إلى الولايات المتحدة. أما بايدن فأشار في بيان صادر عن حملته الى أنه «في اليوم الأول من تسلمه للرئاسة سيلغي قرار حظر السفر ومنع استقبال اللاجئين، بمن فيهم المهاجرون من العالم العربي».