Site icon IMLebanon

ترامب وتغيير النظام الإيراني

       

هدد الرئيس دونالد ترامب بمحو كوريا الشمالية قبل لقائه كيم جونغ إيل، وهو يعرف، والجميع يعرف، أن حرباً في هذا الجزء من العالم ليست في مصلحة أحد، خصوصاً حليفيه كوريا الجنوبية واليابان. وهو يعرف، والجميع يعرف أيضاً، أن الصين لن تقف على الحياد إذا اشتعلت المنطقة، وأن عملاً من هذا النوع ضرب من الجنون، فبدا تهديده مجرد كلام للاستهلاك الداخلي لم يأخذه على محمل الجد سوى الصقرين، مستشاره للأمن القومي جون بولتون وسفيرته لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي. ولم يكن نجاح اللقاء بسبب هذه التهديدات، بل بسبب الحصار المفروض على بيونغيانغ منذ نهاية الحرب الكورية في الخمسينات.

بعد نجاح هذا السيناريو في كوريا الشمالية، ها هو ترامب يكرر التجربة مع إيران: ألغى الاتفاق النووي، ثم فرض عقوبات على طهران تجعلها تدفع «ثمناً لم تدفعه أي دولة عبر التاريخ»، وفق ما قال. وحذرها من أن أي خطأ في الحسابات، وإقدامها على إغلاق باب المندب أو عرقلة الملاحة في مضيق هرمز، سيجعلانها في مرمى النيران. وكان قبل ذلك تحداها باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهي التي تحتفل باليوم العالمي للقدس وتلوح براية فلسطين في كل المناسبات، وتبرر تدخلها في العالم العربي بالدفاع عن القضية التي كانت مركزية في يوم من الأيام. ثم طرح «صفقة القرن»، مستبعداً أي دور لها في هذه «الصفقة» التي يعتبرها من أهم إنجازاته، لم يجرؤ أي رئيس أميركي على طرحها قبله.

 

أراد ترامب أن تأتي إيران إلى طاولة «المفاوضات من دون شروط»، وهي راضخة بعد أن تسلم كل أوراقها لتوقع إملاءاته المعلنة، ومنها: تعديل الاتفاق النووي، ووقف إنتاج الصواريخ الباليستية، وعدم التدخل في اليمن والعراق، وسحب قواتها من سورية، ووقف دعمها «حزب الله» في لبنان.

 

في معنى آخر، يسعى ترامب إلى تغيير النظام الإيراني بـ «المفاوضات»، وإلا فوصفة جون بولتون جاهزة: دعم المعارضتين الخارجية والداخلية. حصار اقتصادي لا يستثني شيئاً: معاقبة كل الشركات التي تخرق الحصار. عدم التساهل مع الأوروبيين إذا أصروا على تطبيق الاتفاق النووي، ومقاطعة شركاتهم إذا استمرت في التعامل مع طهران.

 

كان باراك أوباما اتخذ قراراً بنقل النشاط الأميركي من الشرق الأوسط إلى آسيا للتصدي للصين، وتخلى عن سياسة تغيير الأنظمة، وعلى هذا الأساس وافق على الإتفاق النووي، آملاً بدعم توجه الإصلاحيين ومساعدتهم في فرض سياستهم الأكثر اعتدالاً. أما ترامب فيرى أنه يستطيع خوض حروب على كل الجبهات، ويعتبر الطبقة السياسية الإيرانية كتلة واحدة من المتطرفين، لا فرق لديه بين قاسم سليماني وحسن روحاني، ولا بين أحمدي نجاد ومحمد جواد ظريف. لكن لا مانع لديه من التفاوض معهم إذا سلموه كل أوراقهم.

 

ترامب يطلب من النظام الإيراني الانقلاب على نفسه.