إذا كان هناك من خلاصة لاجتماع قمة الدول الصناعية السبع الكبرى في مدينة بياريتز الفرنسية فهي أنّنا أمام مجتمع دولي عاجز عن مواجهة إرهاب إيران المصرّة على زعزعة أمن منطقتنا وأمن العالم أيضاً، كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالأمس بأنّ «إيران هي الدولة الراعية للإرهاب في العالم» لن يقدّم أو يؤخّر أو يغيّر شيئاً في المشهد الإيراني الإرهابي الممتد منذ أربعين عاماً، والمضحك ـ المبكي أنّ دونالد ترامب لم ينسَ أن يذيّل تهمة رعاية إيران للإرهاب في العالم بمغازلة رئيس إيران «إذا كانت الظروف جيدة فسأكون سعيداً بلقاء الرئيس الإيراني»!!
إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، لقد احتلّت هذه المرتبة عن جدارة بعدما أطبقت أذرع ميليشياتها على مصير المنطقة، صحيح إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، ولكن حتى الساعة لم نجد لها حليفاً خدمها وتركها تحقّق مآربها في المنطقة العربيّة مثل أميركا، أميركا تحديداً التي فُجّرت إيران سفارتها في بيروت عام 1983، وفجّرت مقّر جنودها وفخر جيشها قوات المارينز في صباح خريفي عام 1983، ومع هذا لم «ترشق» أميركا إيران بوردة!
وإيران راعية الإرهاب في العالم لم يصدر حرف واحد بحقّها من ترامب الذي يبيع «أوهام الأمان» لدول الخليج العربي بمليارات الدولارات وتجاهل أنّ القضاء الأميركي أكّد علاقة إيران باعتداءات 11 أيلول العام 2001 الإرهابية في الولايات المتحدة وأصدرت محكمة فيدرالية في نيويورك حكماً بتغريمها 10 مليارات ونصف المليار دولار بسبب تورطها في دعم منفذي هذه الاعتداءات من عناصر «القاعدة»!! ألم تصف كوندوليزا رايس في آب العام 2007 إيران بأنّها «هي الدولة التي تعدّ من عدة أوجه بأنها البنك المركزي للإرهاب في مناطق مهمة في منطقة الشرق الأوسط مثل لبنان من خلال حزب الله، ولدينا مخاوف عميقة حول ما تفعله إيران في جنوب العراق»، أربعة عقود وأميركا تتفرّج على الإرهاب الإيراني وتتركه يسرح ويمرح في المنطقة!
وإيران المدرجة منذ 19 كانون الثاني 1984 على لائحة الولايات المتحدة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وهي تسمية تطلقها وزارة الخارجية الأميركية على الدول التى قدمت مراراً وتكراراً الدعم لأعمال الإرهاب الدولي، فعقديْ الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي شهدا موجة من عمليات الخطف والتفجيرات والاغتيالات التي استهدفت أهداف عربية وغربية، ووقع الكثير من تلك الأحداث في لبنان ودولٍ عربية أخرى منها لبنان والسعودية والكويت والبحرين نسب غالبها إلى حزب الله ذراع إيران العسكريّة في زعزعة المنطقة، فماذا فعلت أميركا أمام هذا الإمعان في زعزعة أمن العالم، غير مهزلة العقوبات التي تلتفّ عليها إيران بألف طريقة وطريقة، وأقرب أمثلتها الإعلان بالأمس عن بيعها حمولة ناقلتها النفطيّة التي كانت محتجزة!
رئاسات أميركية تعاقبت ديموقراطيّة وجمهوريّة منذ رونالد ريغان وتاريخ 4 تشرين الثاني عام 1979، التاريخ الذي اقتحم فيه خمسمئة من الحرس الثوري الإيراني (قيل يومها أنهم تلامذة جامعة) مبنى السفارة الأميركية في طهران، واحتجزوا تسعين من الموظفين والزوار كرهائن بقي منهم اثنان وخمسين أميركياً لمدة 444 يوماً في الأسر الإيراني، وطالبت إيران برفع الحظر عن الأصول الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة وقيمتها 24 مليار دولار كشرط لأطلاق سراح الرهائن، وطالبت بتسليم الشاه إلى ايران، وأخيراً وافقت إيران بقبول مبلغ 8 مليار دولار من الأصول المجمدة في مقابل إطلاق سراح الرهائن، ولكن تلت هذه الأزمة فضيحة إيران غيت، فعن أي رعاية للإرهاب يتحدّث الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيما هو يعبر عن سعادته وهو ينتظر اللحظة التي يلتقي فيها الرئيس الإيراني، ومع رئيس مثل دونالد ترامب هذه اللحظة آتية!!