IMLebanon

ترامب وتشريع الستاتيكو: القدس تستحق استراتيجية

 

فعلها دونالد ترامب. كل التحذيرات التي سمعها الرئيس الأميركي من قادة الدول العربية والاسلامية والأوروبية والتحفظات في الأمم المتحدة وداخل الادارة لم تردعه عن تجاوز خط أحمر توقف أمامه كل أسلافه في موضوع القدس. وكل الاستعدادات للغضب في فلسطين والشوارع العربية والاسلامية ضد أميركا ومصالحها لم تدفع صاحب فن الصفقة الى وضع الخسائر في حساب ما يتصوره ربحا. ف الحلم السرّي لاسرائيل هو تشريع الستاتيكو، كما اعترف الدكتور هنري كيسينجر. وما يفعله ترامب هو تحقيق هذا الحلم عبر تشريع الاحتلال الاسرائيلي للقدس.

والمفارقة كبيرة داخل أميركا. ففي استطلاع للرأي أجراه مركز بيو المشهور بالصدقية بدا كل جيل أميركي أقلّ تعاطفا مع اسرائيل من الجيل الذي سبقه. وحسب الخط البياني للسياسة الخارجية الأميركية، فان كل رئيس بدا أكثر تعاطفا مع اسرائيل من الرئيس الذي سبقه. في ادارة ايزنهاور كان وزير الخارجية جون فوستر دالاس يقول ان اسرائيل حجر رحى في أعناقنا. وفي ادارة ترومان الذي اعترف، باسرائيل بعد دقائق من اعلانها، فان رأي وزير الخارجية دين أتشيسون كما جاء في مذكراته حاضر عند الخلق هو ان الصهيونية كسياسة أميركية رسمية سوف تسمح للمواقف الباطنية لدى اليهود بالتعتيم على مجموع المصالح الأميركية. ثم صارت المزايدات في دعم اسرائيل سباقا أميركيا مستمرا بحيث وصلنا الى ترامب والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل.

 

والسؤال اليوم هو عن الردود العربية والاسلامية على استهزاء ترامب بنا، وخرق الشرعية الدولية التي تعطي القدس مكانة خاصة، هل هي انتفاضة من ضمن خطة منهجية أم مجرد تظاهرات لأيام في الشوارع؟ هل هي سحب سفراء وتلويح بضرب المصالح الأميركية أم مجرد مواقف ديبلوماسية وبيانات سياسية بلغة قوية؟ وهل هي اعادة الاعتبار الى خيار المقاومة بكل أشكالها للاحتلال الاسرائيلي أم مجرد الحديث عن موت عملية التسوية من دون دفنها، والسعي تحت الطاولة لتحسين شروط التسوية الاقليمية التي يعمل لها ترامب، ثم يضيف الى الألغام فيها تقرير مصير القدس من طرف واحد قبل الذهاب الى المفاوضات؟

اذا كانت الردود من نوع ما حدث بعد احراق المسجد الأقصى في السبعينات، فان مؤتمرات جديدة من أجل القدس لن تبدّل شيئا. ولا بد من العودة الى التحرر الوطني والتفاهم على استراتيجية وطنية فلسطينية محمية باستراتيجية عربية بما يجعل استمرار الستاتيكو خطيرا على أميركا واسرائيل. حتى حلّ الدولتين الذي تصرّ عليه السلطة الفلسطينية والقمة العربية والأمم المتحدة والدول الكبرى، فان تحقيقه بالسياسات الحالية وفي الأوضاع الراهنة مهمة مستحيلة.