Site icon IMLebanon

ترامب في قمتين: مشكلة أميركا والعالم

 

الرئيس دونالد ترامب مستمر في الإنقلاب على النظام الليبرالي العالمي الذي صنعه رؤساء اميركا منذ الحرب العالمية الثانية ونظام الحماية العسكرية والأمنية للحلفاء في أوروبا واليابان والشرق الأوسط والشرق الأقصى كجزء من الأمن القومي الأميركي. ونظام التجارة الحرة والمساعدات الاقتصادية والحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. وهو ينتقل اليوم من قمة اشتباك مع الحلفاء الى قمة فك اشتباك مع العدو الذي تبادل وإياه التهديد بالزر النووي قبل أسابيع. الأولى هي قمة كيبيك للدول الصناعية الكبرى السبع، حيث أشعل حرباً تجارية مع الحلفاء وأهان بعضهم وتراجع عن الموافقة على البيان الختامي. والثانية هي قمة سنغافورة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون للبحث في تخلي كيم عن سلاحه النووي مقابل ضمانات عسكرية وأمنية لنظامه ورفع العقوبات وتقديم مساعدات اقتصادية وتكنولوجية تساهم في ازدهار بيونغ يانغ.

وما في الدق دقيق جداً بين زعيمين يصعب التنبؤ بما يقوله ويفعله أي منهما، وإن جرى التحضير جيداً للقمة. وما تركه ترامب وراءه في كيبيك كان عاصفة اربكت الحلفاء، وزادتها دعوته الى استعادة روسيا لموقعها في مجموعة الثماني والذي أخرجت منه عقاباً على ضمّ شبه جزيرة القرم. ولم تكن دعوة مجانية ولامجرد ردّ على وصف المجموعة بأنها مجموعة ٦١. فما فعله ترامب في الإنسحاب من الإتفاق النووي مع ايران واتفاق التجارة الحرة في المحيط الهادئ وإتفاق باريس للمناخ، وانتقاد اتفاق نافتا مع المكسيك وكندا، ونقل السفارة الأميركية الى القدس، ومطالبة اليابان والأعضاء الأوروبيين في الحلف الأطلسي وحلفاء أميركا في الشرق الأوسط والحليف الكوري الجنوبي بدفع ثمن الحماية العسكرية الأميركية كأن اميركا دولة للإيجار هو بعض ما أشارت إليه سوزان رايس مستشارة الأمن القومي في إدارة الرئيس باراك أوباما في مقال نشرته النيويورك تايمس. وما خلصت إليه رايس انه لو كان الرئيس فلاديمير بوتين هو من اختاره ناخبو ترامب أو من يدير السياسة الأميركية بنفسه لما استطاع أن يخدم أهداف روسيا كما فعل ترامب.

وليس ذلك بالطبع لأن ترامب يملك رؤية استراتيجية سمحت له بأن يفعل ما لم يفعله الرؤساء السابقون. فكل ما لديه هو شعار اميركا أولاً ونظرة تبسيطية الى العالم من زاوية مقاول العقارات، ونرجسية فوق الحدود تجعله يتصور أنه الأشطر من أي رئيس في فن الصفقة حسب عنوان كتاب له.

ومشكلة أميركا ان هذا التاجر هو رئيسها. ومشكلة العالم مع الدولة الأعظم هي العجز عن تخطيها في معظم القضايا مهماتكن ظالمة وكان رئيسها مجنوناً ومريضاً بالكذب.