ماذا يعني «نووياً« أن يصبح دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة؟
للإجابة عن هذا السؤال الخطير، لا بد أولاً من التأكيد على الأمر التالي، وهو انه اذا شعرت الولايات المتحدة بأنها تواجه خطر هجوم نووي، فان على الرئيس الأميركي ان يقرر خلال دقائق فقط ما إذا كان الخطر حقيقياً أو وهمياً.
واذا تبين له ان «الخطر حقيقي« فانه يعطي الأمر بالرد الفوري. ويتضمن الرد إطلاق 925 رأساً نووياً جاهزة على منصاتها، لها قدرة تدميرية تبلغ 17000 مرة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما في اليابان.
وبموجب النظام السياسي العسكري الأميركي، فان قرار الرئيس غير قابل للنقض أو للمراجعة. فللرئيس وللرئيس وحده حق الأمر باستخدام السلاح النووي.
في شهر آذار الماضي سُئل دونالد ترامب: اذا تعرضت الولايات المتحدة لهجوم عدواني من داعش، هل تبادر الى استخدام السلاح النووي؟ فرد قائلاً: «انني لا استبعد اي ورقة على الطاولة«. هنا لا بد من الاشارة الى ان الدستور الأميركي يعطي الكونغرس وحده حق اعلان الحرب على أي دولة.. وخلافاً لذلك فان الرئيس الأميركي وحده، ومن دون العودة الى الكونغرس، هو الذي يتخذ قرار الحرب النووية. والسبب في ذلك هو ان الأمر من الخطورة بحيث لا يسمح بترف الانتظار.
حاول الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون استعمال ورقة «التلويح« باستخدام السلاح النووي كأداة سياسية. جرى ذلك في عام 1969 أثناء حرب فيتنام. وكان الهدف هو الضغط على الاتحاد السوفياتي من خلال الإيحاء بأن الولايات المتحدة سوف تقصف فيتنام نووياً. غير ان وزير الدفاع الأميركي في ذلك الوقت «ملفين بيرد« تعمّد تأخير تنفيذ أوامر الرئيس.. خوفاً من أن يأخذ الكرملين الأمر على محمل الجد، فيبادر الى رد فعل نووي جدي.
وجرت المحاولة الثانية في عام 1974 أثناء انكشاف فضيحة «ووترغيت« التي تورط فيها الرئيس نيكسون نفسه والتي أدت في ما بعد الى استقالته.
في تلك الفترة كان نيكسون يكثر من شرب المسكرات، لينسى هموم ومتاعب الفضيحة التي غرق في أوحالها. وهو في تلك الحالة النفسية المتدهورة وغير المتوازنة، خشي وزير الدفاع جيمس شليسنجر من احتمال أن يصدر الرئيس أمراً باستخدام السلاح النووي. فطلب من جميع القيادات المعنية بتنفيذ أوامر الرئيس إحالة أي أمر تتلقاه من هذا النوع اليه شخصياً، أو الى وزير الخارجية هنري كيسنجر.
ورغم ان طلباً من هذا النوع يشكل نوعاً من أنواع العصيان والتمرد ومخالفة الدستور، فقد اضطر وزير الدفاع الى اللجوء اليه لانه لم يكن واثقاً من قدرة الرئيس على السيطرة على قدراته العقلية وهو في حالة السكر.
فكيف سيكون الأمر مع دونالد ترامب اذا وصل الى البيت الأبيض فعلاً؟
ليس من الضروري أن يكون الرئيس وحده هو مصدر الخطر باتخاذ قرار تدميري شامل بطريق الخطأ.. فثمة مصادر عديدة أخرى قد تؤدي الى النتيجة ذاتها.
ففي عام 1980 مثلاً تلقى زبيغنيو بريجنسكي، وكان مستشاراً أمنياً للرئيس جيمي كارتر، اتصالاً طارئاً في وقت مبكر جداً من الصباح من رئاسة الأركان لإبلاغه بأن الولايات المتحدة تتعرض لهجوم نووي. وان شاشات المراقبة الالكترونية كلها تشير الى بدء هذا الهجوم وتؤكده. طلب بريجنسكي مزيداً من التفصيل وبسرعة.. وجاءه الجواب وبسرعة أيضاً ان مصدر الهجوم ليس الغواصات في المحيط الهادي فقط، ولكن وابلاً من الصواريخ العابرة للقارات والمحملة بالرؤوس النووية أطلقت فعلاً، وهي في طريقها الى المدن الأميركية.
وفيما كان بريجنسكي يتصل بالرئيس كارتر لإيقاظه من النوم من أجل اصدار الأمر بالرد النووي الفوري، جددت رئاسة الأركان الاتصال بالمستشار بريجنسكي لتخبره ان كل ما في الأمر هو خطأ تقني في الكومبيوتر.. وان هذا الخطأ هو الذي أوحى بصدور الانذار بالهجوم. في ذلك اليوم لم يعرف الرئيس كارتر بالأمر إلا في اليوم التالي!!
وفي التقديرات العلمية فان القذائف النووية التي قد تطلقها غواصات معادية باتجاه واشنطن تحتاج الى 12 دقيقة فقط للوصول الى أهدافها. اما الصواريخ العابرة للقارات فتحتاج الى نصف ساعة للوصول من منصات اطلاقها.
لا تقتصر الترسانة النووية على الولايات المتحدة والاتحاد الروسي فقط. هناك تسع دول تملك نحو 16 ألف رأس نووي. وتملك كل من روسيا وأميركا 7 آلاف رأس نووي. ولا يعرف بالضبط عدد الرؤوس التي تملكها الصين. أما الدول الأخرى وهي كوريا الشمالية والهند والباكستان واسرائيل، فإنها لا تملك فقط ترساناتها النووية الخاصة بها، ولكنها ترفض حتى الآن التوقيع على معاهدة منع انتشار هذا السلاح التدميري الخطير.
وقد أكدت تقارير استخباراتية دولية ان داعش صادرت من جامعة الموصل في شمال العراق 40 كيلوغراماً من اليورانيوم كانت مخصصة للبحث العلمي.. وتبدي هذه التقارير تخوّفها من ان تصنع داعش منها قنبلة «نووية قذرة«.
من هنا السؤال الذي وُجه الى دونالد ترامب عن رد فعله كرئيس اذا ما تعرضت الولايات المتحدة الى عدوان من داعش !!